فالجواب: أن صد إنما يحتاج في تعديه إلى (عن) في غير الشيء المصدود به، كقولك صد زيد عن عمرو، فإذا ذكرت الشيء الذي يقع به الصد احتجت إلى الباء كقولك: صد زيد بوجهه عن عمرو. فلما كان الخد الأسيل هو الذي به يقع الصد لا عنه، كان مكان الباء، ولم تجز فيه (عن) فالصد إذن نوعان من التعدي: تعد على جهة النقل، وتعد على غير جهة النقل؛ فتعديه على جهة النقل هو الذي يحتاج فيه إلى الباء المعاقبة للهمزة، وتعديه على غير جهة النقل هو الذي يحتاج فيه إلى (عن). تقول: صد زيد بوجهه عن عمر، وأصد زيد وجهه عن عمرو، فتكون الباء معاقبة للهمزة، كما قال امرؤ القيس:
أصد نشاص ذي القونين حتى ... تولى عارض الملك الهمام
ونظير هذه المسألة قولك: نزل زيد بجملته على عمرو، فتعدى نزل بالباء، و (على) على معنيين مختلفين، وقد يستغنى صددت عن الباء في تعديه فيقال صددت الشيء وأصددته كما قال (صددت الكاس عنا أم عمرو) - ولا يستغني عن التعدي (بعن) إذا أردت ذكر الشيء الذي وقع الإعراض عنه. وأما قوله (مطفل) فمن جعل الناظرة البقرة، كان (مطفل) صفة لها. وكان التقدير: ونتقى بعين بقرة ناظرة، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وحذف الموصوف أيضاً وأناب الصفة منابه، ويجوز أن يريد وتتقي من نفسها ببقرة ناظرة، فيكون كقولك لقيت بزيد الأسد أي لقيته فكأني لقيت الأسد، ففي هذا الوجه حذف موصوف لا غير، وفي الأول حذف موصوف ومضاف.