لأنها قليلة الماء، فوحشها تجنزي بالنبات الأخر عن شرب الماءن فتضمر بطونها ويشتد عدوها. ومطفل: ذات طفل. وخص المطفل لأنها تحنو على ولدها وتخشى عليه القناص، والسباع، فتكثر التلفت والتشوق، فذلك أحسن في المنظر، لها وأصح في تنبيه المرأة بها لأنه أراد أنها حذرة من الرقباء. فهي متشوفة كتشوف هذه البقرة.
وفي إعراب هذا البيت إشكال، فأما قوله "تصد وتبدى" فلك أن تعمل أي الفعلين شئت. فإن أعملت (تصد) وهو اختيار الكوفيين وعليه بني ابن قتيبة، كانت (عن) بدلاً من باء الجر، لأن صد إنما يتعدى بالياء لا بعن، ألا ترى أنك تقول صددت بوجهي عنه. وإن أعملت تبدى - وهو اختيار البصريين - كانت (عن) غير مبدلة من حرف آخر، لأنك تقول أبديت عن الشيء، كما قال سحيم يصف ثوراً يحفر في أصل شجرة كناساً له:
يثير ويبدي عن عروق كأنها ... أعنة خراز جديداً وباليا
والوجه ههنا أن يعمل تبدى، لأنه إذا أعمل (تصد) لزم أن يقول: تصد وتبدى عنه عن أسيل، لأن الفعل الأول في هذا الباب إذا أعمل أضمر في الثاني، وإذا أعمل الثاني لم يضمر في الأول، إلا أن يكون فاعلاً فإنه يضمر في قول أكثر النحويين، إذ لابد من فاعل ظاهر أو مضمر.
فإن قلت: كيف زعم ابن قتيبة وزعمت أنت أن حكم (صد) أن يتعدى بالباء حتى احتيج إلى أن يجعل (عن) بدلاً من (الباء) ونحن نجد صد يتعدى (بعن) في نحو قوله:
صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا