فصارت الإصبع معهودة عندهم متعارفة لديهم، كتعارف الأذرع الثلاث، فلذلك أدخل عليها الألف واللام اللتين للعهد، وكانوا ربما زادوا شبراً قال الراجز:
ما علتي وأنا شيء يجر ... والقوس فيها وتر حبجر
وهي ثلاث أذرع والشبر
والإنباض: جذب الوتر عند الرمي. وشبه رنينها عند إنباضها بترنم النحل، وذل لكرم عودها وعتقه. وأما قوله (وهي فرع أجمع) فإن اجمع يرتفع على وجهين: أحدهما التأكيد للضمير المتوهم في فرع، لأن فرعاً وإن لم يكن جارياً على فعل، فإنه بمعنى الجاري، كما قالوا؛ مررت بقاع عرفج له، والثاني أن يكون تأكيداً لهي كأنه قال: وهي أجمع فرع. وكان ينبغي أن يقول: جميعاً ولكنه حمله على معنى العود. وإنما احتيج إلى هذا التأويل لأن فرعا نكرة، والنكرة لا تؤكد، وقد حكى الكوفيون تأكيد النكرة في الشعر وأنشدوا:
يا ليتني كنت صبياً مرضعاً ... تحملني الذلفاء حولا أكتعا
إذا بكيت قبلتني أربعاً ... إذن ظللت الدهر أبكي أجمعا
ففي هذا شيئان من الشذوذ: أحدهما تأكيد النكرة، والثاني استعمال (أكتع) غير تابع لأجمع.
* * *
وأنشد في هذا الباب:
(294)
(لم تعقلا جفرة على ولم ... أوذِ صديقاً ولم أبل طبعاً)