وفي إعراب بيت لبيد إشكال، فمن ذهب إلى أن الفخمة الدرع نصبها على البدل من ذات جرس، وهو بدل اشتمال لأن في قوله يحلبون ذات جرس وزجل معنى يشتمل على أنهم يحلبونه بالدروع وغيرها، والعائد من البدل إلى المبدل منه محذوف، كأنه قال بالعرا منها. هذا على قياس مذهب البصريين، وأما على قياس مذهب الكوفيين فإن الألف واللام في العرا سدتا مسد الضمير ونابتاً منابه وقردمانيا بدل من فخمة ولم نحتج في إبدال القردماني من الفخمة إلى ضمير كما احتجنا إليه في إبدال فخمة من ذات جرس؛ لأن القردماني هو الفخمة بعينها، لأنه لم يرد بالفحمة ههنا درعاً واحده وإنما هو لفظ خرج مخرج الخصوص والمراد به العموم، ومن ذهب إلى أن الفخمة ههنا الكتيبة وهو قول يعقوب، نصبها على الصفة لذات جرس ونصب قردمانيا بفعل مضمر دل عليه قوله ترتى بالعرا لأنه لما قال: ترتى بالعرا على صيغة ما لم يسم فاعله احتمل أن يريد أنها ترتو دروعها لتشمرها، أو ترتو بيضها على دروعها خوف السقوط.

فبين الرتو الذي أراد فكأنه قال ترتو قردمانيا، وتركا: أي تشد بيضاتها إلى دروعها خوف السقوط. ونظيره قول الآخر:

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوايح

لأنه لما قال ليبك يزيد على صيغة ما لم يسم فاعله احتمل أن يبكي لمعان شتى، فبين المعنى الذي أراد. وذهب بعض النحويين إلى أن قردمانيا مفعول ثان لترتي؛ لأنه إذا قال ترتي بالعرا فكأنه قال تكسى، يريد أنه أجراه مجرى الأفعال التي تحمل على غيرها لتداخل معانيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015