أبي عبيدة بعيد لأن "إذا" اسم، والأسماء تبعد زيادتها. وأحسن الأقوال فيه أن يكون الجواب محذوفاً؛ لأن له نظائر كثيرة في القرآن والشعر، ولأن في حذف الأجوبة من هذه المواضع ضرباً من المبالغة كما ذرنا فيما تقدم. فشلا على القول الثالث لا موضع له من الإعراب، غنما هو مصدر محض أكد فعله المضمر الذي هو الجواب. وعلى القولين الأولين هو مصدر له موضع؛ لأنه في تقدير الحال ولك في هذه الحال وجهان: عن شئت جعلتها من الضمير الفاعل كأنه قال: شالين وغن شئت جعلتها من الضمير المفعول كأنه قال: مشلولين. والأقيس أن يكون حالاً من الضمير الفاعل لقوله ما تطرد الجمالة الشردا، فشبه الشل بشل الجمالة وهم الطاردون. وإذا كان حالاً من الضمير المفعول، وجب أن يقال كما تطرد الجمال الشرد، وهو مع ذلك جائز؛ لأن العرب قد توقع التشبيه على شيء والمراد غيره، والكاف في قوله كما في موضع الصفة للشل. كأنه قال: شلا كطرد. وقبل هذا البيت:
فالطعن شغشغة، والضرب هيقعة، ... ضرب المعول تحت الديمة العضدا
وللقسى أزاميل وغمغمة ... حس الجنوب تسوق الماء والبردا
الشغشغة: حكاية صوت الطعن في الأجواف والأكفال، والهيقعة: حكاية أصوات السيوف والمعول الذي يبنى من الشجر عالة تظله من المطر، فهو يقطع الشجر ويجد في قطعها ويسرع لما غشيه من المطر، والعضد ما قطع من الشجر، فإذا أردت المصدر قلت عضد بسكون الضاد والأزاميل والغماغم أصوات مختلطة لا تفهم.
* * *