والثاني: أن البدل وإن كان يحل محل المبدل منه، ويوافقه من وجوه، فإنه مخالف له في كثير من أحكامه:
فمن ذلك إجازتهم أعجبتني الجارية حسنها، فيؤنثون الفعل وإن كان التقدير أعجبني حسن الجارية، وعلى هذا قراءة من قرأ (تخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) على التأنيث.
ومن ذلك أن البدل والمبدل منه وإن كان يقدر أحدهما حالاً محل الآخر، فإن ذلك لا يبطل حكم الأول، ولا يرفعه، ويدل على ذلك جواز إعادة العامل مع البدل، في نحو قوله (للذين استضعفوا لمن آمن منهم) ولذلك قال الفارسي إن البدل يقدر من جملة أخرى.
ويدل على ذلك إجازتهم زيد ضربت أباه عمرا. فلو كان المبدل منه ملغي لفظاً ومعنى، لم تجز هذه المسئلة، لأنك لو قلت زيد ضربت عمراً لم يجز.
ويدل على جواز ذلك أيضاً ما أنشده سيبويه من قوله:
فكأنه لهق السراة كأنه ... ما حاجبيه معين بسواد
فأفرد خبر كان، ولم يقل: معينان.
ومن كسر دال (دنيا) ونونه، جعله مصدرا، ومن لم ينونه جعل ألفه للتأنيث، وجعله حالاً.
* * *
وأنشد في باب ما يغير من أسماء الناس:
(214)
(وداويتها حتى شتت حبشية ... كأن عليها سندساً وسدوساً)