وأنشد ابن قتيبة في هذا الباب:
(209)
(تعيرني أمي رجال ولن ترى ... أخا كرم إلا بأن يتكرما)
البيت للمتلمس، واسمه جرير بن عبد المسيح. وقيل: هو جرير بن عبد العزى، وكان نشأ في أخواله بني يشكر، ويقال: إنه ولد فيهم وصحبهم، حتى كادوا يغلبون على نسبه، ويظن منهم، وإنما هو أحد بنى بهثة بن جلى بن أخمس ابن ضبيعة، فسأل عمرو بن هند الحارث اليشكري عن المتلمس، وعن نسبة، فادعاه، فغضب المتلمس، ولذلك قال في هذا الشعر:
أحارث إنا لو تساط دماؤنا ... تزايلن حتى لا يمس دم دما
وأصبحت ترجو أن أكون لعقبكم ... زعيماً فما أحرزت أن أتكلما
أمنتفيا من نصر بهئة خلتني ... ألا إنني منهم وإن كنت أينما
وقوله (ولن ترى أخا كرم إلا بأن يتكرما) يقول: غنما شرف الإنسان بنفسه، لا بآبائه، فإذا كان خسيس النفس، لم ينتفع بشرف قديمه. ومن أحسن ما قيل في هذا قول القائل:
قد قال قوم أعطه لقديمه ... جهلوا ولن أعطني لتقدمي
فأنا ابن نفسي لا ابن عرضي أحتذى ... بالسيف لا برفات تلك الأعظم
وقال آخر:
تلقى السرى من الرجال بنفسه ... وابن السرى إذا سرا أمراهما
* * *