هذا البيت ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري. ولقب جده مفرغاً، لأنه راهن على أن يشرب سقاء لبن، فشربه كله حتى فرغه. وكان يزيد هذا قد صحب عباد بن أبي سفيان، أخا معاويةن فركب معه يوماً، فهبت ريح، فانتشرت لحية عباد، وكان عظيم اللحية، فقال ابن مفرغ:

ألا ليت اللحى كانت حشيشاً ... فيعلفها خيول المسلمينا

فاتصل ذلك بعباد، فسجنه، ودس إليه غرماءه، يطلبونه بما لهم عليه من الديون، فاضطره إلى بيع جارية له كان يقال لها (الأراكة)، وغلام له كان يسمى (بردا)، وكان شديد الكلف به، وقال في بيعه:

شريت بردا ولولا ما تكنفني ... من الحوادث ما فارقته أبدا

فلما أفرط عباد في تعذيبه، والعبث به، اجتمعت اليمنية، فدخلوا على معاوية، فكلموه في أمره، فلم يشفعهم، فقاموا غضاباً، وعرف الشر في وجوههم، فردهم واسترضاهم، وكتب عهداً بإطلاقه مع رجل من بني راسب، كان يسمى خمخاما، فأخرج ابن مفرغ من السجن، وقربت له بغلة من بغال البريد، فلما استوى على ظهرها قال: (عدس ما لعباد ... البيت). وبعده:

طليق الذي نجى من الكرب بعدما ... تلاحم من كرب عليك مضيق

قضى لك خمخام قضاك فألحقى ... بأهلك لا سدت عليك طريق

لعمري لقد أنجا من هوة الردى ... إمام وحيل للإمام وثيق

وقوله (وهذا تحملين طليق): الكوفيون يرون أن (هذا) في هذا البيت موصولة، بمنزلة (الذي)، و (تحملين): صلةلها، كأنه قال: والذي تحملين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015