وأنشد ابن قتيبة في هذا الباب:

(199)

(غدا أكهب الأعلى وراح كأنه ... من الضح واستقباله الشمس أخضر)

البيت لذي الرمة. وصف به الحرباء، وهي دويبة تستقبل الشمس، وتدور معها كيف دارت، وتتلون ألواناً بحر الشمس. وقبله:

يظل بها الحرباء للشمس ماثلاً ... على الجذل إلا أنه لا يكبر

إذا حول الظل العشى رأيته ... حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر

يريد أنه يستقبل في أول النهار المشرق، فإذا زالت الشمس عن كبد السماء استقبل القبلة. وقوله (غدا أكهب الأعلى) يجوز أن يكون موضع الأعلى خفضاً، بإضافة أكهب إليه، ويجوز أن يكون في موضع نصب، على التشبيه بالمفعول به في قول البصريين، وعلى التمييز في قول الكوفيين.

ويجوز أن يكون في موضع رفع بأكهب، وتقديره، على رأي البصريين: الأعلى منه، وعلى مذهب الكوفيين: أعلاه، فنابت الألف واللام مناب الضمير.

وكان الفارسي يأبى قول الفريقين جميعاً، ويضمر في أكهب ضميراً فاعلاً، ويجعل الأعلى بدلاً منه. ونظير هذا البيت قول النابغة:

أجب الظهر ليس له سنام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015