* وقوله: (يقولون ما لا يفعلون) يجوز أن يكون هذا من قولهم الحق الذي لا يفعلونه، ويجوز أن يكون أنهم يشددون على الأمة ويضيفون عليهم رحمة الله الواسعة بما بأمر به الله، وإن أخرجوا ذلك مخرج الوعظ وأوردوه مورد النصح فشددوا فيه وغلوا غلوا انتهى بهم إلى مثل ما جرى للخوارج وغيرهم، ولا آمن على بعضهم من يظهر التعبد وهو جاهل بالشرع أن يحدث للناس أحداثًا مثل هذا؛ فيجب الإنكار عليه حينئذ كما يجب الإنكار على من أضاع شريعة الله عز وجل تفريطًا فيها باليد إن أمكن أو باللسان أو بالقلب إذا لم يقدر على رفع الباطل بيده، ولا إنكاره بلسانه ولا إنكاره بقليه. فإن لم يفعل فليس في قلبه حبة من خردل من إيمان كما وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* وأما قوله (ويفعلون مالا يؤمرون) ففيه مضمر محذوف، والضمير متعلق بالجار والمجرور، ومعناه لا يؤمرون به، قال الله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) أي تؤمر به أو تؤمره ومثله: (ويفعلون ما يؤمرون)
الحديث الثالث:
[عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثًا].
* هذا الحديث مما يشهد بما قدمنا ذكره في الحديث الذي قبله؛ لأن التنطع هو التعمق والتدقق في الأشياء، فإن الهلكة مقرونة، وهو مما يقرأه الجهال على غير أصل الشريعة على نحو ما ابتدعه النصارى من الرهبانية