-274 -
الحديث الخمسون:
[عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي، فاستذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم من عقلها).
وفي رواية يحيى بن يحيى، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقل أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو نُسِّي)].
* في هذا الحديث من الفقه أن الكلمة إذا كانت تحتمل معنيين: أحدهما، يتضمن سوء أدب، فالأولى أن يعدل الإنسان عنها إلى كلمة لا تحتمل إلا معنى واحدًا خارجًا عما يحذر، فإن قوله: (بئسما لأحدهم أن يقول نسيت) فإن نسيت تكون بمعنى تركت. ولا ينبغي لأحد أن يقول: تركت آية كذا وكذا فإذا قال: (نسيت آية كذا وكذا) خلص قوله من الاحتمال، ثم لما كان هذا يخلص منه أن يستذكر الإنسان القرآن بدراسته وتلاوته عقبه يذكر الحض على الدراسة والتلاوة. ثم أتبعه بقوله: (فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم من عقلها) وذلك أن القرآن حق فصل ليس بالهزل، جد كله، وما قد نشأ الآدمي عليه من أضداد هذه الأحوال فقد أنس بها طبعه. فإنه لا يزال ينزع إلي ما قد أنس به وطالت صحبته فيضطر غلى تذكار القرآن وتكرير دراسته وتلاوته، ويزيده قوة على ذلك أن يفهم ما يقرأه، ألا تراه يقول: أشد (137/ ب) تفصيًا من النعم من عقلها؟ فإن الأفهام إذا أدركت المعاني كانت لسرورها بها من أعوان التالي بخلاف ما إذا قرأ ما لا يفهمه.
وأما التفصي فإنه من تفصى الشيء إذا انفصل عنه.