* في هذا الحديث دليل صريح على أن أفضل الأعمال الصلاة على وقتها، وذلك لأنها هي التي يفرق بها بين المؤمن والكافر، ثم أتبعها ببر الوالدين وهو مما يدل على كرم طبع البار؛ فإنه إذا ذكر حال ضعفه وعجزه وكونه كان طفلًا لا يقدر على دفع أذى عن نفسه، ولا جلب منفعة إليها فسخر الله له الوالدين فأحسنا إليه إحسانًا استمر به حتى أنهما بعرضة أن يرثهما فيخرجان من الدنيا له، فقد أحسنا في حال ضعفه، وأحسنا في حال قوته، فمتى برهما دل ذلك على أنه من ذوي الألباب، الذين يسعون في فكاك ذممهم من ديون الإحسان ولا سيما بأول المحسين وهما الأبوان اللذان سبق إحسانهما إليه، وسلف برهما به، وتبع ذلك إنهما يخرجان من الدنيا ويتركان ما في أيديهما له، فلذلك صار هذا البر على أثر إقامة الصلاة في الفضيلة، ثم ذكر الجهاد بعد هذا، وذلك أنه يدل على مبدأ الإنسان في حفظه وهو النفس، فإن الإنسان لا يجود بها إلا موقنًا أن وراءه مقرًّا خيرًا من هذا المقر، وإن القائلين بما لا يليق بجلال الله يستدعي من المؤمنين الغيرة وأن يبذلوا نفوسهم حتى تكون كلمة الله هي العليا، وأن لا يذكر في الأرض إلا كلمة الإخلاص (133/ ب) وهي لا إله إلا الله، فإذا جاهد هذا المسلم أعداء الله على هذه الكلمة حتى تكون هي العليا فقتل؛ فإنه قاتل بلسان حاله لا إله إلا الله، ولسان الحال في هذا المقام أمكن من لسان المقال.
-266 -
الحديث الثاني والأربعون:
[عن عبد الله أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فنزلت: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل) الآية فقال: يا رسول الله، ألي هذه؟ قال: (ولمن عمل بها من أمتي)].