الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها"].
* في هذا الحديث من الفقه أنه من شرف هاتين الخلتين أتيح فيهما ما هو محظور في غيرهما، وذلك أن من آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق فقد أهلك المهلك للناس، ومن أوتي حكمة فقضى بها وعلمها فإنه قد رزق من التوفيق أن لا يشح بما آتاه من فضله.
* ومعنى"يقضي بها" أي أموره وأمور غيره، ثم إنه يعلمها الناس ليبقى له بعده فيدر عليه ثوابها إلى يوم القيامة، فلا لوم على من حسده لأنه لما أهلك هذا الشخص الشيء المهلك للناس وهو المال، وجاء بالشيء المنجي للعموم من الهلكة وهو الحكمة، كان نطق الحسد المذموم منقلبًا في حق ذلك الحاسد مباحًا، لأن الحاسد إنما يذم على كونه كان يحسد على ما يهلكه. فإذا حسد على ما يهلك المهلك وينجي الهلكى زال المعنى الذي وضع نطق الحسد له فلم يلم.
* وقد قيل: إن ذكر الحسد ها هنا يجوز على ما يظنه الناس حسدًا فهو كقوله تعالى: {حجتهم داحضة عند ربهم} وقوله (130/ ب): {فرحوا بما عندهم من العلم} فتجوز بذكر الحسد والمراد الغبطة.
* والفرق بين الحسد والغبطة. أن الحسد تمني زوال النعمة عن المحسود والغبطة تمني مثلها مع بقائها على صاحبها.