* وفيه من السنة أن العائد يمس المريض ليتعرف بذلك حاله فيخبره بما يجد منه. فلقد يحس الرجل من لمس صاحبه مالا يحس به الملموس من نفسه.

* وفيه أيضًا دليل أن الرجل إذا عاد مريضًا عزيزًا عليه صدقه فيما يراه منه لقول ابن مسعود (إنك لمتوعك).

* وفيه أن يستحب للعائد أن يبشر المريض بثوابه ويذكره بأجر صبره على ألمه؛ لقول ابن مسعود: (إن لك أجرين) وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أجل)، فصدقه في ذلك، ولم ينكره عليه لأنها بشرى لسائر الأمة في المرض.

* وفيه أيضًا بشرى لكل مؤمن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواء إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) وذلك أن السيئات من ثمرات الأبدان والنفوس، فلما أصاب الأبدان التي أثمرت السوء من الألم ما شاركته فيه نفوسها عم أجزاءها، فكان كالعقوبة لمثمر السوء، فصار على نحو الشجرة التي إذا قلت المادة منها لما كانت تمده من الورق انتثر، فلما قلت مادة السيئات بما أصاب البدن (129/ ب) من الألم انتثرت من الخطايا بلطف من الله سبحانه، وهذا مما ينبغي للعبد أن يتضاعف شكره لله تعالى عليه، لأنه يحط عنه خطاياه بغير عزم من المخطئ تطهيرًا منه لعباده.

-255 -

الحديث الحادي والثلاثون:

[عن الحارث بن سويد، قال: حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين: أحدهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والآخر: عن نفسه. قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا -أي بيده- فذبه عنه، ثم قال، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015