شخص لحال يخصه فهو له دون الشركاء، وإن كان لحال يخص الناحية فهو لجميع الشركاء، أو نحو هذا، ثم سلمت الفتيا إلى الشخص الذي سلمها إلي، فلما رأى ما كتبته فيها ارتاد وجهه، ثم قال: أفسدتها علي، ثم أخذها وذهب عني فندمت على تسليمها إليه، وسمته أعاد بها فلم ينهيا ذلك، فكتبت إلى الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه شرح له ما جرى، وأذكر له ما في ذلك على الإسلام من الدخيلة، وما ذكر العلماء فيه من الخوف.
فأجابني: بأن تضع فتيا وتأخذ فيها خطوط العلماء؛ لتنظر الإجماع، فوضعت فتيا، وأخذت خطوط الفقهاء من المذاهب الموجودة بما اتفقوا على تحريم ذلك والاشتداد في إثمه، وأنه مما لا يسع التجاوز عنه حتى كان من فتيا أبي عبد الله محمد بن يحيى رحمه الله أنه قال: إني لا أقول: إن هذه المسائل الاجتهادية التي يختص بعلمها العلماء دون غيرهم بل هي من الضروريات التي من شك في أنه لا تحل في أن يفتى في دار الإسلام بدين غير الإسلام، فإنه كافر.
ثم إني عرضت الفتيا على الإمام المقتفي رضي الله عنه فأعادها علي، وكان من أمره في ذلك ما أعان الله على تتمة لانتقالي إلى ديوان الزمام فلا أعل خلاف (105/ب) حينئذ إلى وقتنا هذا يستفتى الكتاب فأعلمت فأما الكاتب إذا كان فقيهًا مسلمًا، وأفتى بالإسلام وبما يوجبه شرعه فأحسن بذلك وأكرم إذا كان مسندًا له إلى أحد المذاهب المعدودة.
فأما أن يفتي بما لم يشرع الله سبحانه شيئًا منه، ولا ذهب إليه أحد من الفقهاء الأعلام مسندًا ذلك إلى فتاوى الكتاب، ذلك هو الحرام المحض الباطل