*في هذا الحديث من الدليل على عظم سخط الله سبحانه وشدة بأسه، وأن أمره واحد وسطوته تامة، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن، الذي كان من مقامه ومنزلته: أن نبينا صلى الله عليه وسلم مع كونه شافع الجمع يوم القيامة، علم أمته أن يصلوا عليه بالصلاة على إبراهيم، ثم مع ذلك فلم يترك له أبوه حتى قال: يارب أي خزي أخزى من أبي؟ فلم يجب إلى ما تعرض له من الطلب؛ بل مسخ ذيحًا، والذيح: ذكر الضباع.

فليعلم كل ذي لب أن الكفر بالله عز وجل، والجهل به سبحانه لا يتطاول إليه طمع طامع، ولا يعمل فيه شفاعة شافع؛ وليكون أيضًا في ذلك أسوة لمن يرى بجهله أن أبا طالب وغيرهما من المشركين بالله أن ينفعهم من الإشراك بالله نسب؛ إذ الإ6يمان بالله عز وجل أصل الأصول كلها الذي يترتب عليه اعتقاد صلة الأرحام ووشائج الأنساب، وغير ذلك.

فإذا عدم أصل الأصول الذي يوصل الأرحام بفرع ينتمي إليه لم يكن لذلك الفرع مادة من الحق تصله، ولا أس يبتني ذلك الفرع عليه، وهذا فهو مشير إلى ألا يواد المؤمن مشركاً ولا كافراً، وإن كان ذا نسب منه بنوة، أو أخوة، أو رحم قريبة؛ إذ نسب إبراهيم من آزر أقرب في صلة الأنساب، ومع ذلك لم يعتد بذلك شيئًا.

*وفيه أيضًا تنبيه على أن ذا الرحم إذا كان فاسقاً، فإنه يتعين أن يشاه المؤمن وإن كان يشيه على مقدار فسقه، كما أنه يتعين أن يود الرجل الصالح بصلاحه وإن كان لا نسب بينه وبينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015