أذكار الأنبياء، وملتقى الأولياء، وإنه يهجر في قصده أهله ووطنه، ويركب من الأخطار في طريقة ما إذا نظر المؤمن إلى أن كل شيء إذا تأمله فرآه خارجاً عن الأغراض، بعيداً عن شهوات النفوس، فيمحض فيه الإيمان ويخلص فيه القصد ليستلذ به المؤمن التذاذاً لا يجده في كل عمل مشوب بمشاركة المنافع الدنيوية فوجد جنة من لذته في إخلاصه لربه من حجه وقصده مجالاً هي عند من ذاقها من المؤمنين على نحو رياض الجنة، فيجد الإنسان لذتها في وقتها، ثم إنه بعد انقضائها عنه كلما ذكرها يلتذ بها فكلما كانت مكابدتها أشق، كان ذكره لها بعد انقضائها ألذ.
*وأما الجهاد فإن من المؤمنين من لو لم يشرع الله سبحانه الجهاد؛ الذي يبرهن على الإيمان بمقر آخر، والتصديق برب تبذل له النفوس، ويهون في عبادته قطع الرؤوس، فيعادي المؤمن فيه، ويقاتل لأجله، ويحارب من جرائه حالاً يفضح الشبه لأحوال فيها نداء بلا إله إلا الله محمد رسول الله لكان من المؤمنين من ربما مات كمداً، فانقضت نفسه حسرة، كيف لا يجد ما يظهر فيه دلائل تعلقه بالآخرة وهو ... لكن الله سبحانه من على عباده أن شرع لهم الجهاد، فرأى المؤمنون منا من الله (95/ب) لهم، فوزاً عجله له عليهم، فلذلك رياض جنة.
فهذا معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:ومن أبى الطاعة فقد أبى الجنة، يعني - صلى الله عليه وسلم -:الآجلة الموجودة المعدة الموعودة، وقد بينا خصال الطاعات والعبادات المؤدية إلى الجنة المذكورة قد يسلك قاصدوه في الأفعال المذكورة سلوكاً يتبدلهم كالتذاذهم بالجنة؛ فكأنه من أبى الطاعة فقد فاتته الجنة الآجلة الحقيقية والعاجلة جميعاً.