يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.

وتصوير ذلك أنه لا يسمع ما لم يأذن الشرع له في سماعه، ولا يبصر ما لم يأذن الشرع في إبصاره، ولا يمد يداً إلى ما لم يأذن الشرع له في مدها إليه، ولا يسعي برجل إلا فيما أذن الشرع له في السعي بها إليه، فهذا هو الأصل، إلا أنه قد يغلب على عبد ذكر الله حتى يعرف بذلك، فإذا خوطب بغيره لم يكد يسمع لهم، وكذلك في المبصرات والمتناولات والمسعى إليها، وتلك طبقة عالية نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.

* وقوله: {لئن سألني لأعطينه}، يدل على أن العبد إذا صار من أهل حب الله سبحانه وتعالي لم يمتنع عن أن يسأل ربه حوائجه، ولا أن يستعيذ به مما يخافه، وقد كان الله عز وجل قادراً على أن يعطيه قبل أن يسأل، وأن يعيذه قبل أن يستعيذه، ولكن جل جلاله متعرف إلى عباده بإعطاء السائلين، وإعادة المستعيذين، فكان سؤال هذا العبد محبباً إلى ربه في عبادة منه له.

*وقوله: {ما ترددت عن شيء أنا فاعله ما ترددت عن نفس المؤمن}، فإن المعنى فيه على ما أراه: أن المؤمنين لا يكرهون (92/ب) الموت إلا لنقلهم من الخدمة إلى النعمة، فيرون أنهم لم يقضوا نهمهم من عبادة الله ولا من خدمته سبحانه في أرضه، فإذا نقلوا إلى مقر الراحة وموطن الإباحة ومحل النعم، لم يكونوا إلى ذلك مشتاقين ولا عليه متهافتين.

*فأما من دون هؤلاء في المقام، فإنهم قد يكرهون الموت لخوفهم من بعض أعمالهم، ويحبون البقاء لتدارك الفائت وتلافي الفارط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015