العظم بالمخ الذي في باطنه، فلا يكاد تصل إليه آفة؛ فالله عز وجل يعيذ المؤمن بأن يكفيه من جميع نواحيه من كل آفة ومكروه، فإذا قالت الملائكة: (من النار)، قال سبحانه: (وهل رأوها؟) سؤال تقرير أيضًا.
وقوله سبحانه: (أشهدكم أني قد غفرت لهم) يستدل منه على أنه جل جلاله إذا غفر لهم أدخلهم الجنة.
والغفر: الستر؛ والعرب تزيد فيه تاء فتقول: اغتفرت لك، أي سحبت ذيل إحساني على إساءتك.
* وقوله: (فيقول ملك: فيهم فلان، يقول: هم القوم لا يشقى جليسهم)، يعني: أن هذا الجليس الذي جاء لحاجة لما رآهم جلس معهم فلم يكن عزمته الأولى لذلك، ولكنه وافقهم في الجلوس، فبورك له في الجلوس حين لم يعرض عنهم، فكان له من مجالستهم أنه لحقته بركتهم، فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يشقي جليسهم)؛ ليرغب كل مؤمن في مجالسة أهل الذكر، فإن لم يكن من الذاكرين، ولا يعجز أحد في أن يجالس أهل ذكر الله، وإن بلغ به الأمر إلى أن لا يفهم ما يقولونه، ويؤمل أن يقول الله تعالى فيه: هم (80/ ب) الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.
ثم إن فاته الفهم في أول شيء فسيناله فيما بعد إن شاء الله تعالى.
* قوله: (الملك فيهم فلان جاء لحاجة): فإنه يدل على أن الملائكة لا تكتم الله حديثًا، وأنه مما يدل على أمانة الملائكة فيما يخبرون به ربهم سبحانه، فكيف لا يؤدي الأمانة من يعلم أن السائل له يعلم الأمر المسئول عنه قبل وقوعه، وإنما أثار سؤال ذلك منه؛ ليكون مما يجيبه الله به عنه مبشرًا كل من أوى إلى