* وقوله: (فيسألهم ربهم) هذه الفاء للتعقيب، بلا مهملة، أي: يسألهم سبحانه عقيب استماعهم ذلك الذكر، وحملة؛ ليشعروا منه أن ذلك احتفال من الله عز وجل بما تنقله الملائكة إليه منه فلا يؤخر السؤال عنه.

* وقوله: (وهو أعلم) يعني: أنه يكيف الله سبحانه بعلمه من ذلك لما هو فوق علم الملائكة نطقًا كما سمعه سبحانه وتعالى من الذاكرين إذ قالوه، فقالوا: (يسبحونك، ويكبرونك). وهذا الكلام نطق يشتمل على معان جمة، وكل كلمة من هذه الكلمات تدل على معنى له أسلوب، فيقول: (هل رأوني؟) هذا سؤال تقرير؛ لأنه جل جلاله يقول للملائكة مع علمه سبحانه أنهم يقولون: (لا يا ربنا ما رأوك). فدليل الحال: أنهم سبحوا وكبروا وحمدوا ومجدوا قبل أن يروا، فكيف لو رأوا.

* وفي هذا الحديث دليل على جواز رؤية الله عز وجل لقوله: (لو رأوني)، وقول الملائكة: (كانوا يكونون لك أشد عبادة)، فإنهم استدلوا بهذا الثناء (80/ أ) الطويل العريض قبل الرؤية على زيادة ومضاعفة بعدها.

* قوله: (ثم يقول: فما يسألونني؟) فيقولون: يسألونك الجنة، فإنه نظر في بغيتهم، فقالت الملائكة: يسألونك الجنة، يعنون: أنها منتهى رغبة كل مؤمن. فيقول الله: وهل رأوها؟ وهذا سؤال تقرير أيضًا. فيقول: فكيف لو رأوها) على معنى ما شرحنا في الكلام الأول.

فيقول: (ومم يتعوذون) فذكر التعوذ هاهنا أبلغ من أن يقال: مم يهربون، أو مم يفزعون، أو يخافون، أو غير ذلك؛ لأن لفظ التعوذ مشتق من العوذ وهو العظم، فهو إشارة إلى أن تعوذ المؤمن بالله سبحانه من النار على معنى عوذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015