يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، لأن فيه قوله عز وجل: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} وهذه نزلت عليه عليه السلام، والذين كفروا عنده يومئذ هم الذين اشتملت أيديهم على الأرض طولها والعرض، فأمر سبحانه وتعالى أن يفصح ويعلن لهم بأنكم ستغلبون، بالسين المخلصة الفعل للاستقبال، ثم أتبعها بقوله: {وتحشرون إلى جهنم}، وكان تحت هذه الكلمة أنه يجب عليه إزهاق أرواحكم، وسبي ذراريكم ونسائكم، وسلب ممالككم، والاستيلاء على أراضيكم، ونزع التيجان عن رؤوس مملوككم، وأمره أن يعلن بذلك، وأن يقوله في وقت ضعفه - صلى الله عليه وسلم -، وأنه كائن صائر، فكان كما أخبر الله سبحانه، ومن عجيب صدقه أن هذا لم يستتب في زمانه، فكان ربما تخيل الكافر أنه استتب له هذا فقاله، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - خرج من الدنيا ولم يستتب ذلك، فأتمه الله له كما كان وعده؛ ليعلم كل ذي لب أن الله تعالى هو الذي وعد به، فهذا من معجزات القرآن التي هي أخبار غيوبه التي لا تدخل الإحاطة بها تحت قدرة البشر.
* ومن معجزات القرآن: وعده سبحانه بنصر الضعيف على القوي، والوحيد على ذي الجمع، فهذا والذي قبله من الغيوب المستقبلية.
* ومن معجزات القرآن: الأخبار عن الغيوب الماضية، كالحال فيما جرى لموسى عليه السلام حين نودي من شاطئ الوادي الأيمن، وحين نودي من جانب الطور، مما كان أهل الكتاب يسرونه ولا يظهرونه، فلما أخبر سبحانه (39/أ) رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما كان عليه حال موسى عليه السلام في قوله