للنار، ولم يحظ واحد من المؤمنين بالشهادة أبدًا، وهكذا لو لم يخلق الله ظالمًا يدخله النار، لم يكن في الأرض مظلوم يدخل نصيره على ذلك الجنة، وهكذا لو لم يكن في الأرض غني يطغى إذا استغنى فيراه الفقير (83/ ب) فيصبر انتظارًا للعقبى، لم يكن ذلك ليتم فيهما.

- ولقد كنت مرة أسير فقدر الله لي أن تدبرت قوله سبحانه وتعالى: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها}، ومجرميها هاهنا منصوب على البدل من أكابر، وأكابر لا ينصرف على وزن مساجد، تقديره: جعلنا مجرميها أكابر ليمكروا فيها، فأخطر الله في قلبي- وكنت سائرًا راكبًا- حديث مسعود بن محمد الذي كان ملكًا في ذلك الوقت، فأوقع الله في قلبي أنه من المجرمين الأكابر، وأن الله سبحانه قدر فيه ما قدر؛ ليثاب عليه الصابرون، ويؤجر على إنكارهم عليه المنكرون، فرأيت وإذا هو على نحو الشمعة التي تحترق بالنار ليضيء المجلس لأهله، وليس كذلك، وإنما خلقت الشمعة للوقود؛ وكذا كل من خلق للنار.

فأما حالة المؤمن إذا واقع الخطيئة؛ فإنه لو قد احتج عليه بأن قيل له: يا هذا؛ كنت تود أن لو خلقك الله أعمى، أصم، لا تحس، ولا تنظر، ولا تستحسن الحسن؛ لكان من شأنه أن يقول: لا، ثم يقال له: فلما خلقك تنظر وتشم وتذوق أكنت تحب أن الله يحول بينك وبين أن تنظر شيئًا أبدًا، فإنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015