يقول: لا. فيقال له: أفكان من شأنك أنك لما رأيت الحسن أكنت تحب أن الله تعالى يبغضه إليك فكان يقول: لا، فيقال له: فهذا الحسن لما أراك الله إياه، أكنت تحب أن الله يطلعه لمن رآه منك ومن غيرك، فكان يتطرق مثله على أهلك وأقاربك وبنتك وزوجتك (84/ أ) ويلذ ذلك لك؟ فيقول: لا.

فيقال له: والذي نقمت من أن الله أعطاك من نظر المستحسن ما طلبت، ومنع من الحرام في ذلك ليحفظ عليك في مثله من أهلك وأقاربك في بقاء غيرتك وسلامة أنفتك ما عليه جبلت، فالقدر قد أجرى الأمور على اختيار، ولم تكن تحسن أنت أن تتمناه، ثم أنه تداركك بعد ذلك بأن قال: إن خطرت منك زلة أو هفوة فمن ورائك التدارك لك بتوبة وكلمة وإنابة ورجعة وأوبة، فإنه سبق مني القول بأني أحب التوابين، فكان ما أتيته من ذلك ثم تداركتك بتوفيقي إياك للتوبة، فألحقتك بمن وعدت أني أحبه؛ فما هذه الغوغاء على الأقدار.

وإنما جرى ما جرى منها على سبيل اختيارك، وتكميل لذاتك، وحفظ غيرتك عليك، ومع هذا فيا محتجًا بالأقدار بزعمه، قائلًا بلسان حاله: أنه لا حيلة لك فيما تأتيه من المعصية، هلا احتسبت في ذلك في مثل هذا بما تأتيه بمن الطاعة، وكيف تحسب ذلك أنه لك، ولا تخرج منه حولك وقوتك وتنسبه إلى الفاعل الحقيقي سبحانه، بل لا تنسب إليه إلا المعصية خاصة، وتحتسب لنفسك بالطاعة فيالجورك وحيفك وميلك، فكان هذا ركنًا وأي ركن من أركان الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015