من أبلغ العدل وأعظم الإنصاف، فكان هذا ركنًا أيضًا من أركان الإيمان.

فأما ما يقذفه الشيطان في القلوب في هذه المسألة؛ فإنه قد أشرنا إليها في كتابنا هذا في موضع إشارة على سبيل، لكنا نقول في هذا الموضع: إن علم الله سبحانه السابق لخلقه وما يكون منهم، هو يفصح عن كماله سبحانه، ولا حجة على الله عز وجل لأحد فيما سبق من علمه فيه، فإنه سبحانه وتعالى (83/ أ) علم الأشياء قبل كونها، ثم خلقها على علم منه بها، وأنه خلق خلقه، فمن عصاه وأفحش المخالفة لأمره سبحانه وبالغ في العدوان، فليكن العجب من حلم الله في إيجاده خلقًا قد علم أنهم سيفعلون ذلك، ولم يمنعه علمه بما يصيرون إليه من مخالفته أن يخلقهم أيضًا لسابق علمه، وما اقتضته صفاته سبحانه من إكرام المطيع وتعذيب الكافر.

فأما ما خلق للنار من هذه البرية، فإن الله خلقهم للنار لمصالح؛ منها:

- تخويف المؤمنين كما قاله سبحانه: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده}، وليكون تعذيبه سبحانه من عذب من خلقه الذين خلقهم للنار سوطًا يسوق به عباده المؤمنين إلى الجنة.

- ومن الفوائد في ذلك: أنه سبحانه لو أدخل الجنة ولم يروا من جنسهم من دخل النار، حتى يرى الوالد ولده في النار، والأخ أخاه، لم يكن شكرهم بالاعتداد بالجنة بالغًا مبلغه؛ حيث زحزحهم عن النار وأدخلهم الجنة.

- ومنها أن كل من يدخل النار ممن خلق للنار، فإنما هو كرامة لمن يدخل الجنة؛ لأن الله سبحانه وتعالى خلق ممن خلق للنار مشركين به، يقاتلهم الموحدون له، ليحظى المؤمنون بالشهادة في سبيله، ولو لم يخلق الله خلقًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015