الشجرة يكون مقدارها على التقريب مثل الدنيا مائة مرة، وكان من الإخبار عنها أن أهلها يأكلون، ولا يتغوطون، وأنهم لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم ... إلى غير ذلك من عجائب الآخرة، فأي مؤمن سكن قلبه على ذلك، وصدق ما وعد به، ولم يستبعد ذلك في قدرة الله ولا سعة فضله فهو المؤمن، فلذلك كانت هذه الخصلة من خصال الإيمان.

* الخصلة الثامنة: الإيمان بالنار.

ولما كان ما توعد الله به العصاة من خلقه في الآخرة في عذاب النار، مما تستبعده عقول الجاهلين، من أنه كيف يبقى نفس على عذاب النار ولا تطفى؟! (82/ ب) وكيف تسلم فيها الحيات والأفاعي التي ذكر كونها فيها؟! وكيف تجدد الجلود فيها، وهي تحرق كل ما مرت به؟! ويأكل بعضها بعضًا؟! وكان المؤمن يرى أن ذلك في قدرة الله غير ممتنع ولا مستحيل، بل قدرة الله تتسع له ولأضعافه، وأن ما أخبر الله به عز وجل كما أخبر، وكان من إيمان المؤمن أن يؤمن بما أخبره الله ورسوله، وأنه على وجد لابد منه ولا محيد عنه، فكان هذا ركنًا من أركان الإيمان.

* الخصلة التاسعة: الإيمان بالقدر خيره وشره.

ولما كان القدر قد سبق بما الخلق فاعلوه إلى يوم القيامة، وعلم الله قد سبق بتفصيل ذلك وجملته، فكان من تعلقات الآدمي واستراحاته إلى العجز أنه يحاج ربه، فيعارض نفسه بأنه إذا كان قد قدر علي كذا، فكيف أنهى عن فعل ما قدر على فعله؟! وكانت هذه من أشد المسائل غموضًا إلا لمن هداه الله، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن الإيمان بالقدر مع الاعتقاد أن عدل الله سبحانه وتعالى فيما يأتيه من عذاب من يعذبه على معصيته التي قدرها سبحانه عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015