ينتهي إليه أنباؤكم؟، وإنما هذا لو كان مما يصلح أن يكون دليلًا في هذه المسألة لكان ذلك يكون في كل من تيسر أخباره، ويسير في الدنيا ذكره، ويتهادى أهل المشارق والمغارب أحاديثه، نحو الملوك الذي تقدموا، فإن كل واحد منهم، تطيف به الأمم من الجنود والعساكر في وقته، وتدخل النواحي الكثيرة من الأرض في قبضته، فتبقى على طول السنين والأحقاب أخباره، ويتمسك أهل المدن بوعوده، وما يتعاملون به من شروطه وطسوقه وتقديراته.
فلو جاز أن يكون إحياء الآباء دليلًا في مسألة البعث بعد الموت؛ لكان يكون ذلك في بعض أولئك كتبع، وذلك قول الله سبحانه: {أهم خير أم قوم تبع} فإن تبعًا ملك الأرض من بلاد العرب والعجم، فلما بطل دليلهم، الذي طلبوه، واستحكم فساده، تطلعت القلوب إلى معرفة الحجة عليهم فيما أخبروا به من البعث بعد الموت، جاء سبحانه وتعالى بالدليل الواضح البين المكشوف الذي يستوي في قيام الحجة به عليه الأولون والآخرون، والمحقون والمبطلون، وهو قوله تعالى: {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون} (80/ ب).
يعني سبحانه أنه خلق السموات والأرض وما بينهما من إحكام الصنعة، وإتقان الخلق، مع ما قدره الله سبحانه وتعالى من ورفع ووضع، وتفريق وجمع، فرفع السماء، وزينها بالأنوار، ووضع الأرض، وجعلها من جنس قابل للسير في أرجائها، والحرث فيها لإنبات النبات، وجريه الأنهار، وتلقي