لجهلكم الذي تعالى جلال الله أن يرضى أن يحتج لحقه مثله، فإنه لو قد أنشر أبا السائلين كان ذلك في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ذلك دليلًا على البعث بعد الموت إلا من حيث إحياء الجنس، وليس من ضرورة إحياء زيد أن يحيا عمرو.

فيقال للسائلين في هذا: تبًا لعقولكم، فإنكم أنتم كل منكم قد أوجد بعد العدم، وسيحيا بعد الموت، وأنتم لا تصدقون بذلك، فكيف تصدقون به إذا رأيتموه بغيركم، وأنتم الأدلاء في هذه المسألة على أنفسكم، وكل مخلوق فهو دليل في هذه المسألة على نفسه، وشاهد فيها بجملته وأجزائه، فكيف يرجى لمن لا يؤمن بذلك مع شهادة نفسه به، أن يؤمن به مع شهادة غيره؟!

* وفيه أيضًا وجه آخر، وهو أنه إذا أحيي لكم آباؤكم مع قريش، فماذا يكون فيه من الحجة على باقي الخلق إلى يوم القيامة؟؛ لأنه لا يعود إلا خبرًا لمن يأتي بعدكم، يجوز عليه ما يجوز على الخبر، وكيف يكون حجة على من تقدمكم من لدن آدم إلى زمانكم؟، وهل كان يزيد على أنهم إذا طلبوا الحجة على البعث أنه كان يقال لهم: سيأتي في آخر الزمان نبي يطلب منه قومه الحجة على البعث، فيحيي لهم آباءهم، فيكون وعدًا يدخل عليه ما يدخل على الوعد؟، اللهم إلا أن يحيا لكل مخلوق في هذه الدنيا أبوه مع (80/ أ) أن كل واحد يجوز أن يكون أبًا لولده، فكانت تكون هذه الدار، هي دار البعث، ولا تكون دار أخرى تحتاج إلى الإيمان بها، ويبطل الإيمان بالغيب في ذلك كله، فصار هذا أيضًا فاسدًا من هذه الطريق الأخرى.

وأيضًا فإن قولكم يا معشر قريش مع كونكم لستم أكثر الخلائق عددًا، وما مقداركم في الخلائق؟ ومن ذا الذي كان يعرفكم قبل أن نتصل به أخباركم أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015