كان صاحبه، ولا يحوجه أن يطلب نعمة مما يحتاج إليه من طعام أو شراب فإن أبا طلحة لما رأى أثر الجوع في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم أم سليم بذلك فصنعت الطعام.
* وفيه أن أم سليم أرسلت إليه بما أرسلت من ذلك مع أنس، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله عما أرسلت به، فلما أخبره به وأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إطعام الجماعة في بيت أبي طلحة أهيأ لما كان يريده من إدخال عشرة عشرة، فيأكلون حتى إذا شبعوا خرجوا، ودخل غيرهم، وهذا لم يكن يتهيأ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان لأنه إنما ثرد الزاد بعينه الذي كان مع أنس.
* وفيه دليل (145/ ب) على استحباب تطيب الزاد للضيف لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عندك ما تأدمينه؟ فآتت بعكة سمن فجعلته عليه، والعكة: الزق.
* وفيه أيضًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاء إلى بيت أبي طلحة جاء بالناس معه، ولم يستأذن أبا طلحة في ذلك، لأنه إنما أطعمهم القدر الذي أرسل به إليه بعينه، وذلك القدر قد كان جعل لحكمة.
* وفيه أيضًا ما يدل على إيمان أم سليم وثبات عقلها حين قال لها أبو طلحة: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء الناس معه. فعلمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليأتي على ذلك الوجه إلا لحكمة وسر، فقالت: الله ورسوله أعلم.
* وفيه أن السنة في إطعام الضيف إذا كثروا عن مقدار المكان أو الإناء أن يدخل قوم بعد قوم، الذي جرى من ذلك كان من آية الله عز وجل لنبيه.