كلهم بأسرهم (139/ أ) ذرية رجل واحد، وهو آدم - صلى الله عليه وسلم -، والعرب كلهم ولد إسماعيل.
فليس قتل الإنسان للرجل الواحد قتلا لواحد؛ ولكن قتلا يجوز أن يتناول بالتقدير أهل الأرض كلهم؛ فيتضاعف الحوب والجرم بمقدار ذلك، كما أنه لو قد أحياها كان التقدير يتناول له أن يكون بهذه الطريق من أن ذلك الشخص يجوز أن يكون أبا لولد يتوالدون ويتناسلون حتى يكونوا ساكني الأرض كلها فيكون الله سبحانه وتعالى كاتبا له كأنه أحيا الناس جميعا كما قال الله عز وجل، وهذا فإنما ينصرف إلى من قتل نفسا لم يأذن مالكها في قتلها، فأما إذا أذن المالك في القتل يكون عبادة، إلا أن القتل في هذا الحديث لا ينصرف إلا إلى القتل المحرم لأنه ذكره بعد الشرك بالله.
* وتلاه ثم أتبعه بعقوق الوالدين، فأما عقوق الوالدين فقد تقدم تفسيره في مواضع وأشير إليه هاهنا، فأقول: إن العقوق أصل اشتقاقه من العق، وهو القطع، فلما جرى هذا الولد أوصل الخلق له بالبر الذي لم يعفا فيه عند غاية من جهدهما في حالة ضعف لهذا الولد وعجز منه، فلما قطع أوصل الخلق له فيما كان أحوج الناس إليه في وقته مع تكرر وصية الموجد سبحانه بحفظ عهدهما منه؛ كان ذلك عظيما في جنسه فظيعا في مقامه فكانت هذه الغفلة ثالثة الكبائر.
* فأما الرابعة: وهي قول الزور أو شهادة الزور أنها أكبر الكبائر، فإنها من حيث أن الحيوان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى صامتا عن النطق، فإنه جل جلاله قد آمن عباده من أن يقول ذلك الحيوان عليهم ما لم يكن، وفضل الآدمي بأن جعله ناطقا ليكون نطقه بالحق ليبين عما في ضميره، ويفصح عما