يمكنه ما دام موجودا أن يجحد ذلك، فكان من أشرك بالله لصريح جهله الذي ليس له به علم قد أتى فعلة شنعاء كبيرة في مقام البعد عن الله سبحانه، وتحزى به عند أهل الإيمان به، فلهذا كانت هذه الغفلة القبيحة أكبر الكبائر وأصلها.

* ثم تعبها في ذلك قتل النفس، من حيث أنه إذا أجرى الحيوان الناطق إلى قتل مثله من الحيوان الناطق، من علمه أنه يحس منه كما يحس، ويألم منه كما يألم، فاستشاط عليه استشاطة خرج فيها عن جميع الحيوان في جنسه، فكان ما أودعه الله فيه من العقل لم يزده إلا شرا، فاض فغلب ما جبل عليه الحيوان الذي لا تمييز له حتى أزهق نفسا مثل نفسه عامدا قاصدا، وأفات أخاه حياته، وأفسد بنيته التي جعلها الرب سبحانه وتعالى بما فيها من الإتقان وعجيب الصنعة دليلا على وجوده سبحانه، فلما هدمها هذا الهادم، كان في معنى من قصد إلى طريق يسلك فيها إلى ملك، وفي تلك الطريق أعلام يستدل بها على سلوك تلك الطريق إلى ذلك الملك، فهدم تلك الأعلام أو علما منها فصار خائنا بتضليل.

فضاد الملك عند التوجه إلى قصده بما جمع فيه بينه الخزي المتقدم، وبين أن قطع مادة نسل ذلك القتيل الذي يجوز أن يكون نسله أمة تعبد الله عز وجل في أرضه، وتجاهد من حاده في أمره، مع علم كل عالم أن ذلك المقتول يجوز أن يودع الله لنسله من البركة والكثرة ما تكون ذريته هي ساكنة الأرض كلها مع تنقيص البركة من نسل غيره؛ فيكون من ذريته من يسكن الأرض ويعمر الدنيا إلى يوم القيامة، فإذا قتله القاتل كان بمنزلة من قتل الناس جميعا كما قال الله عز وجل؛ من حيث أنه قتل من يجوز أن يكون أبا لناس كلهم، فإن الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015