الفم في كل صف عشرة كأمثال بيض الدجاج المصطفّ، صفان في الأعلى وصفان في الأسفل على مقابلتهما، وإذا فغر فوها وسع شاةً كبيرة وذنبها في طول نصف ذراع زائد أصله غليظ وطرفه كالإصبع، أجرد كأنه عظم شبيه بذنب الورل وأرجلها قصار طولها نحو ذراع وثلث ولها شبهٌ بخف البعير، إلّا أنه مشقوق الأطراف بأربعة أقسام وأرجلها في غاية الغلظ وجملةُ جثّتها كأنّها مركب مكبوب لعظم منظرها،
وبالجملة، هي أطول وأغلظ من الفيل، إلّا أن أرجلها أقصر من أرجل الفيل بكثير ولكن في غلظها أو أغلظ منها،
ومن ذلك السمكة المعروفة بالرعاد، لأنه من أمسكها وهي حية ارتعد رعدة لا يمكنه معها أن يتماسك، وهي رعدة بقوة وخدر شديد وتنمِّل في الأعضاء وثقل بحيث لا يقدر أن يملك نفسه ولا أن يمسك بيده شيئا أصلاً ويتراقى الخدر إلى عضده وكتفه وإلى جنبه بأسره حينما يلمسها أيسرَ لمس في أسرع وقت، وخبّرني صيادها أنها إذا وقعت في الشبكة، اعترى الصياد ذلك إذا بقي بينها وبينه مقدار شبر أو أكثر من غير أن يضع يده عليها وهي إذا ماتت بطلت هذه الخاصة منها، وهي من السمك الذي لا تفليس له ولحمه قليل الشوك كثير الدسم، ولها جلد ثخين في ثخن الإصبع، ينسلخ منها بسهولة ولا يمكن أكله، ويوجد فيها الصغير والكبير ما بين رطل إلى عشرين رطلا وذكر من يكثر السباحة بنواحيها أنها إذا مست بدن السابح خدر الموضع أين كان ساعة بحيث يكاد يسقط، وتكثر بأسافل الأرض وبالإسكندرية.
وأما أصناف السمك عندهم فكثيرة، لأنه يجتمع إليهم سمك النيل وسمك البحر الملح ولا يفي القول بنعتها لكثرة أصنافها واختلاف أشكالها وألوانها، ومنها الصنف المسمّى عندهم ثعبان الماء وهي سمكة الحية سواء، طولها ما بين ذراع إلى ثلاث أذرع.
ومنها السرب، وهي سمكة تُصاد من بحر الإسكندرية يحدث لأكلها أحلام ردية مفزعة، ولا سيما الغريب ومن لم يعتدها، والأحدوثات المضحكة فيها مشهورة،
ومن ذلك الترسة - وتسمى لجاة - وهي سلحفاة عظيمة وزنها نحو أربعة قناطير، إلّا أن جفنتها - أعني عظم ظهرها - كالترس له أفاريز خارجة عن جسمها نحو شبر، ورأيتها بالإسكندرية يُقطع لحمها ويباع كلحم البقر.
وفي لحمها ألوان مختلفة ما بين أخضر وأحمر وأصفر وأسود وغير ذلك من الألوان، وتخرج من جوفها نحو أربعمائة بيضة كبيض الدجاج سواء،