ولم يكن من مذهب السلف تتبع الآثار والإتيان إليها، وفي ذلك يقول ابن وضاح: "كان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ماعدا قباء واحداً" أهـ.
وقال أيضاً: "دخل سفيان مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به" 1 أهـ.
فهذا هو مذهب السلف تجاه الآثار؛ لأن تتبعها وشد الرحال للعبادة إليها بدعة في الدين وأحداث فيه ومحاكاة لأهل الكتاب، مما يكون وسيلة إلى الشرك وذريعة إليه.
وما يدعوا إليه البعض في زماننا هذا من الاعتناء بتلك الآثار وتعظيمها خشية أن تندثر ويجهلها الناس ولاسيما في مكة والمدينة. مثل: غار حراء وجبل ثور ودار مولده صلى الله عليه وسلم وبيعة الرضوان وصلح الحديبية وأشباهها؛ وذلك بتعمير ما تهدم منها، والدعوة إلى تعبيد الطرق إليها واتخاذها مزارات ووضع لوحات إرشادية لتعريف الزائرين بها، ويضرب المثل باعتناء دول أوروبا بآثارهم ومشاهدهم.
ويجاب على ذلك بأن هذه الدعوى بينة البطلان لكل من كان عالماً بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده، وذلك أنهم لم يكونوا يقصدون شيئاً من هذه الأمكنة.