3 - أما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في هذا الشأن 1 فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه لم يوافقه عليه أحد من الصحابة، فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم، من المهاجرين والأنصارأنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي صلى الله عليه وسلم. والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بطاعة أمره، وتكون من فعله، بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له، كقصد المشاعر والمساجد.
وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول، أو غير ذلك مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان، فإذا تحرينا ذلك لم نكن متبعين له، فإن الأعمال بالنيات.
فلو كان هذا الفعل عند الصحابة رضي الله عنهم مستحباً لكانوا إليه أسبق، فانهم اعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" 2.
وتحري هذا ليس من سنة الخلفاء الراشدين، بل هو مما ابتدع. وقول الصحابي إذا خالفه نظيره، ليس بحجة، فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة؟ 3.