البخاري في تفسيره سورة آل عمران من صحيحه (?) "لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم"، وفي آخره قال النبي - صلي الله عليه وسلم - "اليمين على المدعى عليه"، ولهذا لما ساقه المصنف في "عمدته الكبرى" باللفظ المذكور قال: رواه مسلم, والبخاري نحوه, ورواه البيهقي بإسناد جيد بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر".
ثانيها: الحديث دال على أنه لا يقبل قول الإِنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، وإن غلب على الظن صدقه، بل يحتاج إلى بينة أو يصدق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بيَّن - صلى الله عليه وسلم - الحكمة في كونه لا يعطى لمجرد دعواه, لأنه لو [أعطي] (?) بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستباحها, ولا يمكن المدعى عليه أن يصون دمه وماله. وأما المدعي فيمكنه صيانتهما بالبينة.
ثالثها: الأظهر من قولي الشافعي أن حد المدعي من يخالف قوله الظاهر والمدعى عليه من يخالفه ومحل البسط في ذلك كتب الفروع فإنه أليق به.
رابعها: إنما جعلت البينة على المدعي؛ لأنها حجة قوية بانتفاء التهمة, لأنها [لا] (?) تجلب لنفسها نفعًا، ولا تدفع عنها ضرر. وجانب المدعي ضعيف, لأن ما يقوله خلاف الظاهر، فكلف