وبنت دولات خاتون ابنة الأمير عَلَم الدين سليمان بن جَنْدَر الخان وأرصدته نزلاً لمن يقصد لزيارة المشهد وبنى له سوراً حائطاً به الحاجّ آقطعْان بن ياروق وساق الماء من خارج المشهد إلى داخله. ولمّا تولّى أمره الشيخ الصالح فخر الدين بن محمّد بن محمود الكنجيّ السهرورديّ بنى به حمّاماً من مال الوقف.
وكان أهل حلب قد اتّخذوا للخروج إلى هذا المشهد موسماً في يوم معيّن من السنة يسمّونه خميس الرزّ وهو الموسم الّذي يُسمّى بمصر خميس العدس فيجتمع إليه من سائر أقطار حلب وحماه وحرّان وبالس حتّى يكاد أن تُخلّى ممّن فيها ويحتفلون به الاحتفال الّذي يضاهي احتفال أهل مكّة بموسم الحجّ ويكون موعد اجتماعهم فيه يوم السبت ولا يزالون به إلى يوم الجمعة فما ينسلخ النهار وفي الدار دَيّار. وأهل التأريخ منهم من يقولون: إنّ البلاد لمّا كانت للنصارى وللفرنج كانوا يجعلونه مساوياً في التعظيم لبيت المقدس. فإذا كان آخر صومهم قصدوه من كلّ النواحي وعيّدوا فيه. فلمّا ملك المسلمون البلاد قصدوا الموضع واهتمّوا به أضعاف اهتمام النصارى وصيّروا له نذوراً ورغبوا في بركة من فيه مدفون. ومن عجيب أمره أنّ التتر لمّا ملكوا البلاد لم يقتلوا به أحداً ممّن التجأ إليه.
والقبران الآخران قبرا سمعان وشمعون من الحواريّين.
وبجبل برصايا من عمل عَزاز قبر بَرْصيصا العابد ومقام داود عم وقال الشيخ عليّ بن أبي بكر الهرويّ: جبل برصايا به مقام بَرْصيصا العابد وقبر شيخ بَرْصيصا ومقام داود عم.
وبقرية مَشْحَلا من عمل عزاز قبر أخي داود عم وهذه القرية بها نهر جارٍ وبساتين وقد خرج منها بعض أهل الحديث.
وبقورس قبر أوريا بن حنّان في قبّة من قبليّ المدينة وقصّته مع داود مشهورة. وبمنبج مشهد من شرقيّ المدينة فيه قبر خالد بن سِنان العبسيّ صاحب الأُخدود ويُعرَف بمشهد خالد وخالد هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقّه: نبيّ أضاعه قومه.
وبجبل بُزاعا من غربيّ الباب ويُسمّى جبل تَيْم مشهد مطلّ على الباب مقصود بالزيارة ويقولون: إنّ في كلّ سنة في خميس نيسان يجتمع إليه حيوان يشبه الدراريج حتّى تعمّ أكثر الأرض التي حول المشهد ثمّ يذهب في آخر النهار جميعه.
وبجبل الطور المجاور لقنّسرين مشهد: ذكر الشيخ عليّ بن أبي بكر الهرويّ مدينة قنّسرين فحكى أنّ في جبلها مشهداً يقال إنّه مقام صالح النبي صلى الله عليه وسلم ويقال إنّ الناقة خرجت إليه منه ربه آثار أقدام بعير. وفي هذا نظر لمن تأمّله لأنّ قصّة صالح كانت بالحجر ويغلب على ظّني أنّ هذا المشهد من بناء صالح بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس فإنّ ولاية الشام كانت إليه وله آثار بحلب وقنّسرين فَنُسب المشهد إلى صالح عم.
وبمعرّة النعمان فيما زعموا قبر يُوشَع بن نون عليه السلام في مشهد هناك جدّد عمارته الملك الظاهر غياث الدين غازي ووقف عليه بالمعرّة وقفاً وهو يزار. ولمّا خرج الملك المعظّم فخر الدين توراة شاه من حبس مصر اشترى له بالمعرّة أرضاً ووقفها عليه وذلك في سنة خمسين وقيل إنّ بها قبر محمّد بن عبد الله بن عمّار بن ياسر.
وبكفر طاب في قرية يقال لها شَحْشَبْو قبر الإسكَنْدَر قيل إنّه مات بها ونُزع ما في جوفه ودُفن وصُبّر جسده وحُمل إلى أمّه وقد ذكر بعض أرباب التواريخ أنّه مات بحمص ولا أستبعد ذلك فإن كفر طاب كانت من أعمال أفامية وأفامية من أعمال حمص. قال الشيخ عليّ بن أبي بكر الهرويّ: شَحْشَبو قرية من أعمال فامية بها قبر الإسكندر ويُقال إنّ أمعاءه هناك وجثَته بمنارة الإسكندرية وقيل إنّه مات ببابل.
وبدَيْر سمعان من قرى مَعَرّة النُعمان ويُعرف أيضاً بدير النقيرة لأنّ إلى جانبه قرية تُسمّى النقيرة قبر عمر بن عبد العزيز في حائر صغير وإلى خلف طهره قبر الشيخ أبي زكرياء يحيى بن منصور وكان أحد أولياء الله تعالى وله كرامات وكان مقيماً بالمسجد الّذي بهذه القرية يعبد الله حتى أدركه أجله فدُفن في الحائر.
وبإنطاكية قبر حبيب النجّار من آل ياسين وبها قبر عَوْن بن أرميا النبي عليه السلام وقبر عَوْذ بن سام بن نوح.