وملكه ولده الملك المسعود ركن الدين مودود، ولم يزل بيده إلى أن ملكه الملك الكامل في أوائل سنة إحدى وثلاثين وستمائة. ولم يزل بيد نوابه إلى أن أقطعه ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولم يزل بيده إلى أن توفي والده الملك الكامل نيابة. ثم استقل بعد وفاة أبيه، ولم يزل بيده إلى أن خرج منه، وقصد الديار المصرية وملكها، فترك به ولده الملك المعظم توران شاه، فلم يزل بيده إلى أن خرج منه في أواخر سنة سبع وأربعين وستمائة، بحكم وفاة والده الملك الصالح نجم الدين أيوب فوصل إلى الديار المصرية وملكها، وكسر الفرنج في السنة المذكورة. وقُتل في أوائل سنة ثمان وأربعين وستمائة.
وبقي به ولده الملك الأوحد عبد الله، وهو في يده إلى حين وضع هذا الكتاب.
ولما استولت التتر على الشام في أوائل سنة ثمان وخمسين وستمائة قصد المذكور هولاكو وقدم له تقدمة. فلما حضر عنده، سأله عن نسبه، وجلية أمره، فرق له وأبقى عليه الحصن. وهو به إلى الآن، وهو سنة تسع وسبعين وستمائة.
قلعة مدورة على تل عال.
عدة أبراجها خمسة وثلاثون برجا، غير البدنات.
ولها باب من قبليِّها، يُخرجُ منه على جسر على الخندق المحيط بالقلعة، مبني بالحجر المنحوت، على قناطر، يكون مداه نحو المائتي ذراع إلى أن ينتهي إلى وجه الأرض، وهي المدينة، شرقي القلعة، وبها أسواق ومعايش.
وبها حمّةٌ في طرف البلد من الشرق بها أسماك كثيرة، وعليها باب.
وبالمدينة أعينٌ. وشِربُ أهل القلعة والربض من الشط.
وأكثر أهل أرزن يُصيفون على الشط.
ولأرزن كروم كثيرة، وفواكه.
وتُعملُ بها الأُرُزُ الرَّفاع، والأبراد، والنّصافي والبطائن، وتُحملُ منها إلى البلاد. وبها مدرسة، وبيمارستان.
فتحها عياض بن غنم فيما فتحه في سنة تسع عشرة من الهجرة، وبقيت مضافة إلى ديار بكر يتولاها من يلي ديار ربيعة.
وفي سنة خمس وخمسين ومائتين كانت أرزن في يد موسى بن زرارة.
وفي سنة اثنتين وثلاث مائة وليها مع ميافارقين شخص يُعرفُ بخَلفِ بن الحسن.
ولم تزل " مضافة إلى " ميافارقين إلى ولاية بني حمدان.
ففي سنة ثمان عشرة وثلاث مائة أضيفت ديار بكر جميعها إلى ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء بن حمدان مع أرزن.
ولما سلم الحسن - المذكور - ميافارقين وديار بكر إلى أخيه سيف الدولة ولى أرزن أبا علي بن جعفر الديلمي، نقله إيلها من ميافارقين. فعصي بها في سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، فحاصره سيف الدولة إلى أن سلمها إليه، ونزل على حكمه.
ثم انتقلت بعد بني حمدان إلى بني مروان فلم تزل بأيديهم إلى أن وصل السلطان جلال الدولة ملكشاه السلجوقي في سنة ثمانين وأربع مائة وأخذ الجزيرة " و " أنعم بها على بني الأحدب، وكان لهم مع أرزن بدليس ووسطان وغيرهما.
فلم تزل بأيديهم إلى أن حاصرها شهاب الدين غازي.
" كان حسام الدين - صاحب أرزن - من ديار بكر مصاحبا الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك العادل مناصحا له، مشاهدا جميع حروبه وحوادثه، منفقا أمواله في طاعته، باذلا عساكره في مساعدته. فكان يُعادي أعدائه، ويُوالي أولياءه بحيث أنه حصر نفسه في خِلاط لما حاصرها جلال الدين، ولقي ما لقي أهلها من الضائقة لأجله. وصبر بها إلى أن ملكها جلال الدين، فأسره مع من أسر من أكابر الناس. وأراد أن يأخذ منه أرزن، فقيل له: إن هذا من بيت قديم عريق في المُلك. وأنه ورث هذه أرزن من أسلافه، وكان لهم غيرها من البلاد، فخرج الجميع " من أيديهم " ولم يبقَ غير هذه. فرَقَّ له، وعطف عليه، وأبقى عليه مدينته، وأخذ عليه العهود والمواثيق أنه لا يُقاتله. فعاد وأقام بمدينته.
فلما جاء الملك الأشرف وعلاء الدين - صاحب بلاد الروم - محاربين لجلال الدين " لم يحضر معهم حربا. فلما انهزم جلال الدين " سار شهاب " الدين " غازي ابن الملك العادل - أخي الملك الأشرف - صاحب ميافارقين - وهو بمدينة أرزن فحصره بها إلى أن ملكها صُلحا، وعوَّضه عنها مدينة حاني من ديار بكر.