وتولى ولده عبد الملك وقام المختار بن " أبي " عبيد داعيا لآل محمد بالكوفة. وادعى الأخذ بثأر الحسين وأن قيامه بأمر محمد بن الحنفية - أخي الحسين لأبيه -. ووافقه إبراهيم بن الأشتر النخعي وغلب على الكوفة وأخرج ابن مطيع العدوي منها بأمان. وعقد ليزيد بن أنس الأسدي على الجزيرة ورتب معه عشرة آلاف فارس، فسار حتى قرب من نصيبين وقاتل يزيد بن أنس فهزمه، وقتل خلقا من أصحابه، فلما علم المختار بهذه الوقعة قال لإبراهيم بن الأشتر: إنما هو أنا وأنت فسيره إليهم فخرج ومعه ثلاثون ألفا، فبلغ ذلك عبد الملك فعقد للحصين وعبيد الله بن زياد، وبعث معهما أربعين ألفا، فتقارب العسكران، وتوافوا بمكان يعرف بالخازر. فلما وضعت الحرب أوزارها قتل الحصين بن نمير وعبيد الله بن زياد وحتى إبراهيم بن الأشتر على عسكر أهل الشام فجاءته هند بنت أسماء بن خارجة الفزاري، امرأة عبيد الله بن زياد، فأخبرته بانتهاب ماكان معها من مالها. فقال لها: كم ذهب منك؟ قالت: ماقيمته خمسون ألف درهم، فأمر لها بمائة ألف درهم، ووجه معها مائة فارس إلى البصرة وأكرم نزلها. وكانت هذه الوقعة سنة سبع وستين.

ودخل عُبيد " الله " بن عمرو الساعدي على إبراهيم بن الأشتر فأنشده: الله أعطاك المهابة والتُّقى وأحلَّ بيتك في العديد الأكثر

وأقرَّ عينك يوم وقعة خازر ... والخيلُ تعثرُ بالقنا المتكسر

من ظالمين كفتُهُم آثامهم ... تُركوا لعافيةٍ وطيرٍ حُسرِ

ما كان أجرئهم جزاهم ربهم ... شرّ الجزاء على ارتكاب المُنكرِ

إني أتيتك إذ تناءى منزلي ... وذممتُ إخوان الغِنى من معشرِ

وعلمتُ أنك لا تُضيعُ مِدحتي ... ومتى أكُنْ بسبيل خيرٍ أشكُرِ

فهلُمَّ نحوي من يمينك نفحة ... إن الزمان ألحَّ يابن الأشترِ

فأعطاه عشرة آلاف درهم.

وأقام إبراهيم بن الأشتر بالموصل. ووجه عماله إلى مدن الجزيرة.

ثم قتل مُصعبُ بن الزبير المُختار واستولى على الجزيرة فصارت بينه وبين عبد الملك دولا، إلى أن قُتل في جمادى الآخر سنة إحدى وسبعين.

وصفت الإمرة من أكدار المنازعات لعبد الملك فولّى أخاه محمداً قنسرين والجزيرة، ولم يزل والياً عليها إلى أن مات عبد الملك.

ووليَ الأمرُ بعده ولده الوليدُ.

فأقرَّ محمدا، على ولايته. ثم عزله في سنة تسعين.

وولىَّ أخاه مسلمة، وكان أكثر مقامه بحرّان، وبنى فيها قصرا، ولم يزل متوليا إلى أن مات الوليد.

وولي سليمان - أخوه -.

فسيّر أخاه مسلمة غازيا إلى القسطنطينية واستخلف على عمله. " ثم مات " سليمان.

وَوُلّى يزيد بن عقيل السلمي - من أهل دمشق - ولم يزل إلى أن توفي عمر بن عبد العزيز.

وولي يزيد بن عبد الملك فأقره مُدَّةً ثم عزله بعمر بن هبيرة، ثم عزله، وولّى مروان بن محمد ولم يزل بها واليا إلى أن توفي يزيد.

ووليَ هشام بن عبد الملك في سنة خمس ومائة، فأقرَّ مروان ثم أضاف إليه أرمينية وأذربيجان في سنة أربع عشرة ومئة، ولم يزل عليها إلى أن توفي هشام سنة خمس وعشرين ومائة.

وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فأقره، واستمر بقية أيامه، وأيام إبراهيم بن الوليد إلى أن صار الأمر إليه، فسار إلى دمشق.

وولىَّ على الجزيرة سعيد بن مسلمة بن أُمية ابن هشام الأموي وكان نائبه بها، ثم عزله.

وولىَّ أبان بن يزيد بن محمد بن مروان بن الحكم واستمر بها إلى أن قُتل مروان.

وصارت الخلافة لبني العباس.

" فقدم عبد الله بن علي الجزيرة، فلقيه أبانُ مُسوِّدا، ودخل في طاعته، وولى على الجزيرة موسى ابن كعب، وخرج عنها إلى الشام فبيّض أهلُ الجزيرة، وخلعوا أبا العباس السّفّاح، وساروا إلى حرّان، وفيها موسى بن كعب في ثلاثة آلاف فارس، وعليهم إسحاق ابن مسلم العقيليُّ، وكان نائب مروان بن محمد على أرمينية، وحاصروا موسى نحوا من شهرين. فوجّه أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر في عسكرٍ، فاجتاز بقرقيسية والرَّقة، وسار نحو حرّان، فرحل إسحاقُ إلى الرُّها، وخرج موسى بن كعب إلى أبي جعفر. ثم كانت بينه وبين إسحاق عدة وقعات. وكان في ستين ألفاً، التجأ في آخرها إلى سُميساط فحاصره فيها سبعة " أشهرٍ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015