وقد خبط بعض المعربين فقال: إن: من خير، متعلق: بتفعلوا، وهو في موضع نصب نعتاً لمصدر محذوف تقديره: وما تفعلوه فعلاً من خير يعلمه الله، جزم بجواب الشرط، والهاء في: يعلمه الله، يعود إلى خير انتهى قوله.

ولولا أنه مسطر في التفسير لما حكيته، وجهة التخبيط فيه أنه زعم أن: من خير، متعلق: بتفعلوا، ثم قال: وهو في موضع نصب نعتاً لمصدر. فإذا كان كذلك كان العامل فيه محذوفاً، فيناقض هذا القول كون: من، يتعلق: بتفعلوا، لأن: من، حيث تعلقت بتفعلوا كان العامل غير محذوفاً وقوله والهاء تعود إلى خير خطأ فاحش لأن الجملة جواب لجملة شرطية بالاسم، فالهاء عائدة على الاسم، أعني: اسم الشرط، واذا جعلتها عائدة على الخير عري الجواب عن ضمير يعود على إسم الشرط، وذلك لا يجوز، لو قلت: من يأتني يخرج خالد، ولا يقدر ضميراً يعود على إسم الشرط، لم يجز بخلاف الشرط إذا كان بالحرف، فإنه يجوز خلوّ الجملة من الضمير نحو: إن تأتني يخرج خالد.

{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} أو يكون مفعول: تزودوا، محذوفاً تقديره، وتزودوا التقوى، أو: من التقوى، ولما حذف المفعول أتى بخبر إن ظاهراً ليدل على أن المحذوف هو هذا الظاهر، ولو لم يحذف المفعول لأتى به مضمراً عائداً على المفعول، أو كان يأتي ظاهراً تفخيماً لذكر التقوى، وتعظيماً لشأنها.

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} وتقدم إعراب مثل: أن تبتغوا، في قوله: {فلا جناح عليه أن يطوف فيهما} (البقرة: 158) و: من ربكم، متعلق: بتبتغوا، و: من، لابتداء الغاية، أو بمحذوف، وتكون صفة لفضل. فتكون: من، لابتداء الغاية أيضاً، أو للتبعيض، فيحتاج إلى تقدير مضاف محذوف أي: من فضول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015