{فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَتٍ} و: من، في قوله: من عرفات، لابتداء الغاية، وهي تتعلق: بأفضتم. وظاهر هذا اللفظ يقتضي عموم عرفات، فمن أي نواحيها أفاض أجزأه، ويقتضي ذلك جواز الوقوف، بأي نواحيها وقف، والجمهور على أن عرنة من عرفات. وحكى الباجي، عن ابن حبيب: أن عرنة في الحل، وعرنة في الحرم، وقيل: الجدار الغربي من مسجد عرنة لو سقط سقط في بطن عرنة، ومن قال: بطن عرنة من عرفات، فلو وقف بها فروي عن ابن عباس، والقاسم، وسالم أنه: من أفاض من عرنة لا حج له، وذكره ابن المنذر عن الشافعي، وأبو المصعب عن مالك، وروى خالد بن نوار عن مالك أن حجه تام. ويهريق دماً، وذكره ابن المنذر عن مالك أيضاً.
وروي: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة؛ وأكثر الآثار ليس فيها هذا الاستثناء، فهي كظاهر الآية.
وكيفية الإفاضة أن يسيروا سيراً جميلاً، ولا يطؤوا ضعيفاً، ولا يؤذوا ماشياً، إذ كان صلى الله عليه وسلّمإذا دفع من عرفات أعنق، وإذا وجد فرجة نص. والعنق: سير سريع مع رفق، والنص: سير شديد فوق العنق، قاله الأصمعي، والنضر بن شميل. ولو تأخر الإمام من غير عذر دفع الناس.
{فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الفاء جواب إذا.
{وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} والكاف في: كما، للتشبيه، وهي في موضع نصب إما على النعت لمصدر محذوف، وإما على الحال. وقد تقدّم هذا البحث في غير موضع.