النقطة الثانية: أن معجزات الأنبياء -عليهم السلام- من فعل الله -عز وجل- أجراه على أيديهم، وفعل الله -عز وجل- يزول بزوال من أُجري على يديه هذا الفعل؛ يعني بعد رفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء وبعد موت موسى -عليه السلام- هذه المعجزات التي كانت تُرى على أيديهم لا تُرى؛ لأنها من فعل الله -عز وجل- أجراه على أيدي النبيين الكريمين، فلما انقضى وقت إرسالهما زالت هذه المعجزة مع عدم وجودهما -عليهما السلام- أما معجزة القرآن هي صفة من صفات الله -عز وجل- والصفة باقية؛ لأنها كلام الله -سبحانه وتعالى- فالصفة باقية ببقاء فاعلها -سبحانه وتعالى.

أما النقطة الثالثة: هي أن الرسل الذين أنزلت عليهم الكتب "التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم" الرسل الكرام الذين أنزلت عليهم الكتب- لم تكن الكتب هي معجزتهم التي أرسلوا بها، وإنما كانت الكتب بالنسبة إليهم منهاجًا يسيرون عليه وشرعًا يحتكمون إليه ويوجهون أتباعهم إليه، فكانت لهم معجزات بخلاف الكتب المنزلة عليهم، ورسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كانت معجزته هي عين منهجه؛ بمعنى أن القرآن منهج ومعجزة؛ القرآن منهج وضعه الله -سبحانه وتعالى- للأنام ليسيروا عليه وليعلموا شرع ربهم، وكذلك هو معجزة النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

هذا لا يعني أننا نقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له معجزات حسية، لا، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- له معجزات حسية مشاهدة كما ثبت في الصحيح من حنين الجذع إليه، ومن قول الشاة له؛ إنها مسمومة، وغير ذلك مما ذكر في الصحاح ومما ثبت من معجزات مشاهَدة لنبينا -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تكن هي المعجزة التي أُرسل بها، وإنما كانت ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، وكانت لتثبيت أصحابه -رضوان الله عليهم- وتثبيته هو -صلى الله عليه وصحبه وسلم- في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015