أحلك المواقف التي وضع فيها كفعله -سبحانه وتعالى- برسوله الكريم عندما أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورفعه إلى السموات العلى وجعله يرى من آيات ربه الكبرى؛ كل ذلك من المعجزات، ولكن ذلك ليس هو عين معجزة النبي -صلى الله عليه وسلم- فعين معجزة النبي -صلوات الله وسلامه عليه- في الكتاب الذي أرسل به للعالمين -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
لذلك نجد الفرق بين القرآن والكتب الأخرى؛ القرآن تكفل الله -سبحانه وتعالى- بحفظه؛ لأنه هو عين معجزة النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- بخلاف الكتب الأخرى لم يتكفل الله -سبحانه وتعالى- بحفظها، فدخلها التحريف والتبديل والنسيان، أما القرآن تعهد الله به: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) وذلك لبقاء المعجزة بمنهجها وحفظ المنهج بالمعجزة.
أما السؤال الثالث الذي نتعرض له فهو كما يقال: بيت القصيد، وغاية المريد؛ بمعنى: أن هذا السؤال هو الذي يستحق أن نقف عنده، لماذا؟ لأنه هو موضوع مادتنا طوال العام إن شاء الله -سبحانه وتعالى.
وهو الوقوف على أوجه إعجاز القرآن، أو بيان كيفية إعجازه أهل الفصاحة والبيان وإخراسه كل إنسان:
في ذلك المضمار الذي هو بيان أوجه الإعجاز تسابق المتسابقون واجتهد المصنفون، بدليل أن دراستنا حول وجه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم وهو الجانب اللغوي؛ ليتبين لنا لما عجز العرب عن معارضة القرآن والإتيان بمثله، ذلك السؤال الذي تنازعه أهل الأهواء وأهل الحق على السواء؛ فذهب المعتزلة