أن هذه المسالة تحتاج إلى وقفة وإلى بيان، وهو جزاه الله خيرا أفرد لها ما يزيد عن خمس وأربعين صفحة، وبين ما يتعلق بهذه المسالة، وإن كان لنا يعني وقفة مع بعض ما قاله الشيخ حفظه الله، فمسألة الصرفة من المسائل التي اختلفت فيها أقوال أهل العلم، وكان منشأ اختلافهم هو اختلافهم في المقصود بالصرفة، وهل هي من الصرف أم من الانصراف؟ وبعد ذلك اختلفوا هل انصرافهم عن الإتيان بمثله لفظًا ومعنى أم بمثله معنى فحسب؟ أو الإتيان بمثل نظمه الذي جاء على خلاف لغة العرب وكلامهم؟
والذي أراه أن منشأ هذا الخلاف هو أن أول من قال بالصرفة هو أبو إسحاق النظام رأس المعتزلة في عصره، والرجل تراثه بين طلابه؛ أي ليس له مصنف نستطيع من خلاله الوقوف على قوله صراحةً، فالمسألة أثارها تلميذه الجاحظ ونسبها إليه، ودحضها في كتابه (البيان والتبيين) ولعل هذا ما دفع الأكابر كابن تيمية -رحمه الله- إلى الاهتمام ببيان فساد القول دون الاهتمام بقائله، ولكن كون قائله النظّام وهو رأس في البلاغة والفصاحة دفع آخرين لرفض صدور هذا الكلام بهذا الفهم من مثله وهو من هو، وخاصة أن من النصوص المذكورة ما يبرّئ ساحة الرجل من الوقوع في مثل هذا القول الضعيف المردود المتهافت، الذي لا يصدر عمن هو دونه لغةً وفصاحة.
وبعد هذه التساؤلات والافتراضات لعلك أيها الطالب قد شُحذت همتك وعلت رغبتك في معرفة تفاصيل هذه القصة، ومن ثم فهناك مصادر أحيلك عليها إذا أردت الاستزادة أو الوقوف على هذه المسألة تفصيلًا؛ فعندك كتاب العلامة أبي موسى (الإعجاز البلاغي) الفصل الثامن، وعندك كتاب (إعجاز القرآن) للباقلاني وعندك الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز) وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه