وأنه -صلى الله عليه وسلم- كان موصولا بالوحي ومعلما من قِبل خالق السموات والأرض، وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة.
وإذا كان صدق القرآن الكريم جليا في إشاراته إلى بعض أشياء الكون وظواهره؛ فلابد وأن يكون صدقه في رسالته الأساسية؛ وهي الدين بركائزه الأربع: العقيدة العبادة الأخلاق المعاملات جليا كذلك، وهنا يتضح جانب من أهم جوانب الإعجاز في كتاب الله وما أكثر جوانبه المعجزة، ألا وهو الإعجاز العلمي، وهو خطاب العصر ومنطقه وما أحوج الأمة الإسلامية بل ما أحوج الإنسانية كلها إلى هذا الخطاب في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه، وزمن العولمة الذي تحاول فيه القوى الكبرى على ضلالها فرض قيمها الدينية والأخلاقية والاجتماعية المنهارة على دول العالم الثالث، وفي زمرتها الدول الإسلامية بحكم غلبتها العلمية والتقنية وهيمنتها الاقتصادية والعسكرية، وقد عانت الدول الغربية ذاتها ولا تزال من الإغراق المادي الذي دمر مجتمعاتها، وأدى إلى تحللها الأسري والاجتماعي والأخلاقي والسلوكي والديني، وإلى ارتفاع معدلات كل من الجريمة والإدمان والانتحار، وإلى الحيود عن كل قوانين الفطرة السوية التي فطر الله سبحانه خلقه عليها، وإلى العديد من المشاكل والأزمات النفسية، والمظالم الاجتماعية والسياسية على المستويين المحلي والدولي لا يتسع المقام لسردها.
وما أحوج علماء المسلمين إلى إدراك قيمة الآيات الكونية في كتاب الله، فيقبلوا عليها بالتحقيق العلمي المنهجي الدقيق بعد فهم عميق لدلالة اللغة وضوابطها وقواعدها، ولأساليب التعبير فيها وفهم لأسباب النزول ومعرفة بالمأثور من تفسير الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجهود السابقين من المفسرين، ثم تقديم ذلك الإعجاز العلمي إلى الناس كافة مسلمين وغير مسلمين، مما يعد دليلا ماديا ملموسا على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق، وعلى أن سيدنا ونبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم أنبيائه ورسله في غير تكلف ولا اعتساف؛ لأن القرآن الكريم غني عن ذلك وهو