أعز علينا وأكرم من أن نتكلف له. وهذا المنهج في الاهتمام بالآيات الكونية في كتاب الله وشرح الإشارات العلمية فيها من قبل المتخصصين كل في حقل تخصصه، هو من أكثر وسائل الدعوة إلى دين الله قبولا في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه". إذن الآية قررت بوضوح اتساع الكون وهذا ما كان ينكره الباحثون الغربيون، إلا أنهم أمام الحقائق العلمية التي تم اكتشافها منهم أقروا بأن الكون متمدد ومتسع، وهذا ما نطق به القرآن الكريم: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47) وهذا يدل دلالة صادقة على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صادق في كل ما قاله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3، 4).
وهذا الذي أقر به علماء الغرب يشهد للقرآن بأنه لا يمكن إلا أن يكون كلام الله الخالق، كما يشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين- بأنه كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السموات والأرض، حيث إنه لم يكن لأحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونية في زمن الوحي ولا لقرون جاءت من بعد نزوله وتشهد هذه الآية {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47) بدقة الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله وشمولها وكمالها وصياغتها صياغة معجزة، يفهم منها أهل كل عصر معنى من المعاني يتناسب مع المستوى العلمي للعصر، وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع توسع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد، وهو من أبلغ صور الإعجاز العلمي في كتاب الله. وقول الله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47) يشهد بأن هذا الكون من صنع الله -سبحانه وتعالى- وأن حكمة الله -سبحانه وتعالى- دائمة ومستمرة وستظل معروفة للموحدين المؤمنين وستظل برهانا للكافرين المشككين، حتى يهديهم الله -سبحانه وتعالى- كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت: 53).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.