عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الافتراق، وادَّعت كل فرقة أنها على الحق وما عداها على الباطل.

ولكن مع وجود هذا الاختلاف والتفرق، فلا يزال في الأمة طائفة منصورة قائمة بالحق، داعية إليه، لا يضرها من خالفها، ولا من خذلها، إلى أن يأتي أمر الله وهم على ذلك.

ولذلك اهتم سلف هذه الأمة بالدعوة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، والتحذير من البدع والأهواء، وكثرت أقوالهم ومؤلفاتهم في هذه المسألة.

فكُتِبَتْ كتب كثيرة في السنة وبيان منهج السلف الصالح، وفي الرد على أهل الأهواء والبدع.

ومن هذه الكتب الكثيرة، كتاب الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "الرد على الجهمية"، وكتاب "السنة" لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، وكتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري، وكتاب "السنة" لابن أبي عاصم، وكتاب "السنة" لمحمد بن نصر المروزي، وكتاب "الشريعة" للآجري، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للالكائي، وغير ذلك من كتب السلف رضوان الله عليهم.

وبعض هذه الكتب، عُنِيَ فيها مؤلفوها بالكتابة في التحذير من الأهواء والبدع، فألف ابن وضاح القرطبي كتابه "البدع والنهي عنها"، وألف أبو بكر الطرطوشي كتابه "الحوادث والبدع"، وألف أبو شامة كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، ولكن اقتصرت هذه الكتب -في الغالب- على النقل المجرد للنصوص الواردة في التحذير من البدع والنهي عنها، دون تحليل لمعانيها، وتحقيق مسائلها، مما جعل الإمام الشاطبي يقوم بتصنيف كتابه الفذ "الاعتصام"، الذي أشار رحمه الله تعالى فيه إلى هذه الكتب السابقة، ومأخذه عليها، فقال: "وإذا استقام هذا الأصل -أي كَتْبَ العلم لحفظ الدين- فَاحْمِلْ عَلَيْهِ كَتْبَ الْعِلْمِ مِنَ السُّنَنِ وَغَيْرِهَا إِذَا خِيفَ عَلَيْهَا الِانْدِرَاسُ، زِيَادَةً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ؛ مِنَ الْأَمْرِ بِكَتْبِ الْعِلْمِ، وأنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015