وكان يتردد بينهما رجلا يقال له مرتفع بن فحل وأنا مع ابن عباس لا يفسح لي في الغيبة عنه ليلاً ولا نهاراًأنام على رأس مخدته. فكنت عنده ليله وهو في دار الشابوره وقد جاء مرتفع ابن فحل فتحدثت معه إلى ثلث الليل، وأنا معتزل عنهما ثم أنصرف فاستدعاني وقال، أين أنت قلت عند الطاقة أقرأ القرآن فإني اليوم ما تفرغت اقرأ فابتدأ يفاتحني بشيء مما كان فيه ليبصر ما عندي في ذلك يريد بي أن أقوي عزمه على سوء ما قد حمله عليه الظافر فقلت يا مولاي لايستزلك الشيطان وتنخدع لمن يغرك، فما قتل والدك مثل قتل العادل، فلا تفعل شيء تلعن عليه إلى يوم القيامة. فأطرق وقاطعني الحديث ونمنا. فاطلع والده على الأمر فلاطفه واستماله، وقرر معه قتل الظافر.
وكانا يخرجا في الليل متنكرين، وهما أتراب، وسنهما واحد فدعاه إلى داره، وكانت في سوق السيوفيين، ورتب من أصحابه نفراً في جانب الدار. فلما أستقر به المجلس خرجوا عليه فقتلوه. وذلك ليله الخميس سلخ المحرم سنه تسع واربعين وخمس مائه، ورماه في جب في داره وكان معه خادم له أسود لا يفارقه يقال له سعيد الدولة فقتلوه، وأصبح عباس جاء إلى القصر كالعاده للسلام يوم الخميس فجلس في خزانه في مجلس الوزارة كأنه ينتظر جلوس الظافر للسلام، فلما جاوز وقت جلوسه استدعى زمام القصر وقال ما لمولانا ما جلس للسلام؟ فتلبد الزمام في الجواب، فصاح عليه وقال مالك لا تجاوبني قال يا مولاي مولانا لاندري أين هو قال مثل مولانا يضيع ارجع فاكشف الحال فمضى ورجع وقال ما وجدنا مولانا فقال عباس ما