يبقى الناس بلا خليفة ادخل إلى الموالي إخوته يخرج منهم واحد نبايعه فمضى وعاد وقال الموالي يقولون لك مالنا في الأمر شيء، والده عزله عنا وجعله في الظافر، والأمر لولده بعده قال أخرجوه حتى نبايعه.
وعباس قتل الظافر وعزم على أن يقول اخوته قتله ويقتلهم به فخرج ولد الظافر وهو صبي محمول على كتف أستاذ من أستاذي القصر، فأخذه عباس فحمله وبكى الناس ثم دخل به وهو حامله إلى مجلس أبيه وفيه أولاد الحافظ الأمير يوسف والأمير جبريل وأبن أخيهم الأمير ابو البلقي.
ونحن في الرواق جلوس، وفي القصر أكثر من ألف رجل من المصرين فما راعنا الأفواج قد خرج من المجلس إلى القاعة، وصوت السيوف على إنسان. فقلت لغلام لي ارمني " ابصر من هذا المقتول ". فمضى ثم عاد وقال " ما هؤلاء مسلمون! هذا مولاي أبو الأمانة (يعني الأمير جبريل) قد قتلوه، وواحد قد شق بطنه يجذب مصارينه ". ثم خرج عباس وقد اخذ راس الأمير يوسف تحت إبطه ورأسه مكشوف، وقد ضربه بسيف والدم يفور منه وأبو البقى ابن أخيه مع نصر بن عباس فادخلوهما في خزانه في القصر وقتلوهما، وفي القصر ألف سيف مجردة. وكان ذلك اليوم من أشد الأيام التي مرت بي، لما جرى فيه من البغي القبيح الذي ينكره الله تعالى وجميع الخلق.