خرجت من باب القاهرة إلى عباس لخدمته وطاعته وفرقه رمت السلاح وجاءوا إلى بين يدي نصر ابن عباس قبلوا الأرض ووقفوا في خدمته.
وأصبح والده عباس دخل القاهرة وجلس في دار الوزارة، وخلع عليه الظافر وفوض إليه الأمر، وابنه نصر مخالصة ومعاشره، وأبو العباس كاره لذلك مستوحش من ابنه لعلمه بمذهب القوم في ضربهم بعض الناس ببعض حتى يفنوهم ويجوزوا كلما لهم حتى يتفانوا، فأحضراني ليله وهم في خلوه يتعاتبان وعباس يرد عليه الكلام وابنه مطرق كأنه نمر يرد علية بعد كلمة يشتاط منها عباس ويزيد في لومه وتأنيبه. فقلت لعباس يا مولاي الأفضل كم تلوم مولاي ناصر الدين وتوبخه وهو ساكت؟ اجعل الملامة لي، فأنا معه في كل ما يعمله، ما أتبرأ، من خطأة ولا صوابه، أي شيء هو ذنبه؟ ما أساء إلى أحد من أصحابك، ولا فرط في شيء من مالك، ولاقدح في دولتك خاطر بنفسه حتى نلت هذه المنزلة، فما يستوجب منك ألائمه، فأمسك عنه والده ورعى لي ابنه ذلك.
وشرع الظافر مع ابن عباس في حمله على قتل أبيه، ويصير في الوزارة مكانه وواصله بالعطايا الجز يله فحضرته يوماً وقد أرسل إليه عشرين صينية فضه فيها عشرون ألف دينار ثم أغفله أياماً وحمل إليه من الكسوات من كل نوع وما لا رأيت مثله مجتمعا قبله، وأغفله أياماً، وبعث إليه خمسين صينية فضه فيها خمسون ألف دينار، وأغفله أياماً، وبعث إليه ثلاثين بغلا رحلا وأربعين جملا بعددها وغرائرها وحبالها.