يبينه: أن الأمر بالفعل قد تناول أول سني الإمكان فأفاد الوجوب فيها، وإذا وجب الفعل في أول سني الإمكان لم يجز تركه، لأنه إذا جاز تركه لم يكن واجباً فعله.
وحرفهم: إن الواجب ما لا يجوز تركه في زمان وجوبه.
فإن قلتم: إنما يجوز إلى بدل وهو العزم.
قال: لا يجوز أن يكون العزم بدلاً عن الفعل، لأنه لو كان بدلاً من الفعل لقام مقامه بحال في حصوله المطلوب منه وتأدى المأمور به كسائر الأبدال، ولأن العزم على الفعل واجب قبل دخول الوقت، وما يجب قبل دخول الوقت لا يتصور أن يقوم مقام الواجب في الوقت، ولأنه لا دليل على كونه بدلاً، ولا يجوز إثبات بدل بلا دليل، فدل عليه أنكم جوزتم تركه مطلقاً لا إلى بدل، وهذا لا يجوز لأنه يكون نقلاً ولا يكون فرضاً.
قالوا: ولأن التأخير يؤدي إلى أقسام كلها باطلة فيكون التأخير باطلاً، لأن ما يؤدي إلى الباطل باطل، وإنما قلنا ذلك، لأنه لا يخلو: إما إن جاز التأخير لا إلى غاية أو إلى غاية.
فإن قلتم يجوز تأخيره لا إلى غاية فيكون باطلاً، لأنه ينافي الوجوب فإن الوجوب لابد له من فائدة، فإذا جوزنا التأخير لا إلى غاية سقطت فائدة الوجوب، وهذا لأن الأمر طلب الفعل، فإذا جاز التأخير على الإطلاق بقى أمر بلا فعل، وإن قلتم: وجد بدله وهو العزم، فقد تكلمنا عليه.
وإن قلتم: يؤخر ويوصي، فليس كل الأوامر مما تجوز فيها الوصية، ولأنا إذا قلنا يؤخر المأمور ويوصي فكذلك وصيه يوصى، ووصى وصيه يوصى فيؤدي إلى تسلسل الوصية أبداً، فلا يوجد فعل ما.