وإن قلتم: يجوز التأخير إلى غاية، فلا تخلو تلك الغابة، إما أن تكون غاية معينة أو موصوفة.

فأما المعينة: بأن تقول أخر الفعل إلى سنة كذا أو يوم كذا، وتعيين السنة أو اليوم، وهذا غير موجود بالإجماع.

وأما الموصوفة: فهو أن يطلق له التأخير إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر فات وهذا أيضاً باطل، لأن الظن لا عن إمارة هو الظن السوادي، وذلك غير معتبر، وأما الظن عن إمارة من علو سن أو مرض فالناس يختلفون في ذلك، وإنما لا يظن أصلاً فيؤخر ويموت فيفوت الفعل أو يموت فجاءةً وبغتة فيفوت أيضاً، والأمر بالفعل يقتضي الفعل لا محالة، وبهذا الطريق وجب الفعل، وفيما قلتم إخراج الأمر من أن يكون موجباً للفعل لا محالة، وأيضاً ما قلتم يقتضي أنه إذا أخر حتى مات أنه لا يعصي الله بتأخيره فيكون هذا والنافلة سواء.

قالوا: وأما الكفارات والزكوات والقضاء وغير ذلك قالوا على هذه الطريقة: إن قضية الأمر فيها أنها على الفور وإن جوزنا التأخير إنما جوزنا بقيام دليل.

وأما أبو زيد فقال في هذه المسألة: إن التأخير عن السنة الأولى تفويت فلا يجوز التأخير عن السنة الأخيرة من سني العمر، وإنما قلنا ذلك، لأن فوات العبادة بفوات وقتها، والحج له وقت معين من السنة فإذا أخر عنه فقد فات، ألا ترى أنه فعله لا يجوز والتفويت محظور.

قالوا: فإن قلتم إن لم يحج في هذه السنة يحج في السنة القابلة قال: إنما يمكنه الحج في السنة القابلة عند مساعدة الحياة إلى السنة القابلة وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015